الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  بيان علاج البخل :

                                                                  اعلم أن البخل سببه حب المال ، ولحب المال سببان :

                                                                  أحدهما : حب الشهوات التي لا وصول إليها إلا بالمال مع طول الأمل .

                                                                  الثاني : أن يحب عين المال ويلتذ بوجوده وإن علم أنه زائد عن حاجاته بقية عمره . وقدمنا أن علاج كل علة بمضادة سببها ، فيعالج حب الشهوات بالقناعة باليسير وبالصبر ، ويعالج طول الأمل بكثرة ذكر الموت ، والنظر في موت الأقران وطول تعبهم في جمع المال وضياعه بعدهم ، ويعالج التفات القلب إلى الولد بأن خالقه خلق معه رزقه ، وكم من ولد لم يرث من أبيه مالا ، وحاله أحسن ممن ورث ، وبأن يعلم أنه يجمع المال لولده يريد أن يترك ولده بخير وينقلب إلى شر ، ويعالج قلبه أيضا بكثرة التأمل في الأخبار الواردة في ذم البخل ومدح السخاء وما توعد الله به على البخل من العقاب العظيم .

                                                                  ومن الأدوية النافعة : كثرة التأمل في أحوال البخلاء ونفرة الطبع عنهم واستقباحهم له ، فإنه ما من بخيل إلا ويستقبح البخل من غيره ، ويستثقل البخيل من أصحابه فيعلم أنه مستثقل ومستقذر في قلوب الناس مثل سائر البخلاء في قلبه ، ويعالج قلبه أيضا بأن يتفكر في مقاصد المال وأنه لماذا خلق فلا يحفظ منه إلا قدر حاجته والباقي يدخره لنفسه في الآخرة بأن يحصل له ثواب بذله .

                                                                  فهذه الأدوية من جهة المعرفة والعلم ، فإذا عرف بنور البصيرة أن البذل خير له من الإمساك في الدنيا والآخرة هاجت رغبته في البذل إن كان عاقلا ، فإذا تحركت الشهوة فينبغي أن يجيب الخاطر الأول ، ولا يتوقف ، فإن الشيطان يعده الفقر ويخوفه ويصده عنه .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية