الآفة الثانية : : فضول الكلام
وهو أيضا مذموم ، وهذا يتناول الخوض فيما لا يعني ، والزيادة فيما يعني على قدر الحاجة ، فإن من يعنيه أمر يمكنه أن يذكره بكلام مختصر ، ويمكنه أن يجسمه ويكرره ، ومهما تأدى مقصوده بكلمة واحدة فذكر كلمتين ، فالثانية فضول - أي فضل عن الحاجة - وهو أيضا مذموم ؛ لما سبق ، وإن لم يكن فيه إثم ولا ضرر .
[ ص: 188 ] واعلم أن فضول الكلام لا ينحصر ، بل المهم محصور في كتاب الله تعالى ، قال الله عز وجل : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) [ النساء : 114 ] وقال - صلى الله عليه وسلم - : " " . طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه ، وأنفق الفضل من ماله
فانظر كيف قلب الناس الأمر في ذلك ، فأمسكوا فضل المال ، وأطلقوا فضل اللسان ، قال " عطاء " : إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام ، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أمرا بمعروف ، أو نهيا عن منكر ، أو تنطق لحاجتك في معيشتك التي لا بد منها . أتنكرون أن عليكم حافظين ( كراما كاتبين ) [ الانفطار : 11 ] ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) [ ق : 17 ، 18 ] أما يستحي أحدكم إذا نشرت صحيفته التي أملاها صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه ؟ وقال " " : " إن أحق ما طهر الرجل لسانه " . وفي أثر : " ما أوتي رجل شرا من فضل في لسان " . ابن عمر