الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  آداب الدعاء :

                                                                  الأول : يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة ورمضان من الأشهر ويوم الجمعة من الأسبوع ووقت السحر من الليل ، قال تعالى : ( وبالأسحار هم يستغفرون ) [ الذاريات : 18 ] .

                                                                  الثاني : أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال زحف الصفوف في سبيل الله تعالى وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلوات المكتوبة وخلف الصلوات وبين الأذان والإقامة وحالة السجود .

                                                                  وبالحقيقة يرجع شرف الأوقات إلى شرف الحالات أيضا إذ وقت السحر وقت صفاء القلب وإخلاصه وفراغه من المشوشات . ويوم عرفة ويوم الجمعة وقت اجتماع الهم وتعاون القلوب على استدرار رحمة الله عز وجل .

                                                                  الثالث : أن يدعو مستقبلا القبلة ويرفع يديه بحيث يرى بياض إبطيه ، ثم ينبغي أن يمسح بهما وجهه في آخر الدعاء .

                                                                  قال " عمر " رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه .

                                                                  وقال " ابن عباس " : كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا ضم كفيه وجعل بطونهما مما يلي وجهه فهذه هيئات اليد ، ولا يرفع بصره إلى السماء .

                                                                  الرابع : خفض الصوت بين المخافتة والجهر ، قالت عائشة في قوله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) [ الإسراء : 110 ] أي بدعائك ، وقد أثنى تعالى على نبيه زكريا عليه السلام حيث قال : ( إذ نادى ربه نداء خفيا ) [ مريم : 3 ] وقال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) [ الأعراف : 55 ] .

                                                                  الخامس : أن لا يتكلف السجع في الدعاء ، والأولى أن لا يجاوز الدعوات المأثورة فإنه قد يعتدي في دعائه فيسأل ما لا تقتضيه مصلحته ، فما كل أحد يحسن الدعاء .

                                                                  [ ص: 85 ] السادس : التضرع والخشوع والرغبة والرهبة ، قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) [ الأعراف : 55 ] .

                                                                  السابع : أن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيه قال صلى الله عليه وسلم : لا يقل أحدكم إذا دعا : اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له .

                                                                  وقال صلى الله عليه وسلم : إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء .

                                                                  وقال صلى الله عليه وسلم : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله عز وجل لا يستجيب دعاء من قلب غافل .

                                                                  الثامن : أن يلح في الدعاء ويكرره ثلاثا وأن لا يستبطئ الإجابة .

                                                                  التاسع : أن يفتتح الدعاء بذكر الله تعالى ولا يبدأ بالسؤال ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بها أيضا .

                                                                  العاشر : وهو الأدب الباطن وهو الأصل في الإجابة : التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة ، فذلك هو السبب القريب في الإجابة .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية