الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                كما إذا اشترى البطيخ في السريجة والرمان في القفة فرأى البعض فله الخيار ; لأن البعض منها ليس تبعا للبعض بل كل واحد منها مقصود بنفسه فرؤية البعض منها لا تفيد العلم بالباقي لكونها متفاوتة تفاوتا فاحشا فكان له الخيار وإن كان من العدديات المتقاربة كالجوز والبيض فرأى البعض منها ذكر الكرخي أن له الخيار وألحقه بالعدديات المتفاوتة لاختلافها في الصغر والكبر كالبطيخ والرمان وذكر القاضي الإمام الإسبيجابي رحمه الله في شرحه مختصر الطحاوي أنه لا خيار له ، وهو الصحيح ; لأن التفاوت بين صغير البيض والجوز وكبيرهما متقارب ملحق بالعدم عرفا وعادة وشرعا ، ولهذا ألحق بالعدم في السلم حتى جاز السلم فيها عددا عند أصحابنا الثلاثة ، خلافا لزفر فكان رؤية بعضه معرفا حال الباقي ويحتمل أن يكون الجواب على ما ذكره الكرخي ويفرق بين هذا وبين السلم وهو أن البيض والجوز مما يتفاوت في الصغر والكبر حقيقة والأصل في الحقائق اعتبارها إلا أن الشرع أهدر هذا التفاوت وألحقه بالعدم في السلم لحاجة الناس ، ولا حاجة إلى الإهدار في إسقاط الخيار فبقي التفاوت فيه معتبرا فرؤية البعض لا تحصل المقصود ، وهو العلم بحال الباقي ، فبقي الخيار والله - عز وجل - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية