الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وكذلك لو كان المبيع مما يكال ، أو يوزن فذهب بعضه فاختلفا فقال البائع للمشتري : أنت أكلت ، وقال المشتري للبائع : مثل ذلك أنه لا يقبل قول واحد منهما على صاحبه ، ويجعل كأنه ذهب بعضه بآفة سماوية لما قلنا ، ويخير المشتري لتفرق الصفقة إلا أن هناك إن اختار [ ص: 249 ] الأخذ أخذ الباقي بما بقي من الثمن ; لأن القدر في المكيل ، والموزون معقود عليه فكان له حصة من الثمن ، والأطراف من الحيوان جارية مجرى الأوصاف فلا يقابلها الثمن إلا إذا صارت مقصودة بالقبض أو بالجناية على ما بينا فيما تقدم ، وذكر القدوري رحمه الله ههنا أيضا أنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ، ويأخذ ، ولا إشكال ههنا في تحليف المشتري ; لأن التحليف مفيد في حقه ; لأن البائع يدعي عليه كل الثمن ، وهو ينكر فيندفع عنه لزوم كل الثمن بالحلف فكان مفيدا .

                                                                                                                                ( وأما ) تحليف البائع ففيه إشكال ; لأن المشتري يدعي عليه سقوط بعض الثمن ، وذا حاصل له من غير تحليفه فلم يكن تحليفه مفيدا في حقه فينبغي أن لا يحلف ، وإن اختار الرد على البائع حلف المشتري وحده دون البائع لما قلنا فإن أقام أحدهما البينة قبلت بينته ; لأنها قامت على أمر جائز الوجود ، وإن أقاما البينة فالبينة بينة البائع ; لأنها مثبتة ألا ترى أنها توجب دخول السلعة في ضمان المشتري ، وتقرر الثمن عليه ، وبينة المشتري نافية فالمثبتة أولى ، والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية