( ومنها ) شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة للبائع أو للمشتري أو للمبيع إن كان من بني آدم كالرقيق وليس بملائم للعقد ولا مما جرى به التعامل بين الناس نحو ما إذا أو أرضا على أن يزرعها سنة أو دابة على أن يركبها شهرا أو ثوبا على أن يلبسه أسبوعا أو على أن يقرضه المشتري قرضا أو على أن يهب له هبة أو يزوج ابنته منه أو يبيع منه كذا ونحو ذلك أو اشترى ثوبا على أن يخيطه البائع قميصا أو حنطة على أن يطحنها أو ثمرة على أن يجذها أو ربطة قائمة على الأرض على أن يجذها أو شيئا له حمل ومؤنة على أن يحمله البائع إلى منزله ونحو ذلك ; فالبيع في هذا كله فاسد ; لأن زيادة منفعة مشروطة في البيع تكون ربا لأنها زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع وهو تفسير الربا . باع دارا على أن يسكنها البائع شهرا ثم يسلمها إليه
والبيع الذي فيه الربا فاسد أو فيه شبهة الربا ، وإنها مفسدة للبيع كحقيقة الربا على ما نقرره إن شاء الله تعالى وكذا لو فالبيع فاسد ; لأنه شرط فيه منفعة للمبيع وإنه مفسد ، وكذا لو باعها بشرط أن يعتقها [ ص: 170 ] المشتري فالبيع فاسد في ظاهر الرواية عن أصحابنا ، وروى باع جارية على أن يدبرها المشتري أو على أن يستولدها الحسن عن رضي الله عنهما أنه جائز وبه أخذ أبي حنيفة رحمه الله . الشافعي
( ووجه ) هذه الرواية أن شرط الاعتقاد مما يلائم العقد ; لأن الإعتاق إنهاء الملك وإنهاء الملك تقرير له فكان ملائما والدليل على أن الإعتاق إنهاء للملك أن البيع ثبت مقتضى الأمر بالإعتاق في قول الرجل : أعتق عبدك عني على ألف درهم فأعتق حتى يقع العتق عن الآمر ولا عتق إلا بالملك ولا ملك إلا بالتمليك فلو كان الإعتاق إزالة الملك لما تصور وجود الإعتاق مقتضاه ; لأنه ضده والشيء لا يقتضي ضده ، وإذا كان إنهاء الملك ; كان تقريرا له فكان ملائما للعقد فلا يوجب فساده ولظاهر الرواية وجهان : أحدهما : يعم الكل والثاني يخص عليه الرحمة أما الأول : فهو أن شرط العتق شرط لا يلائمه العقد ; لأن العقد يقتضي الملك ، والملك يقتضي إطلاق التصرف في المملوك تحصيلا وتركا . أبا حنيفة
وشرط الإعتاق يقتضي الاستحقاق واللزوم لا محالة فلا يلائمه بل يضاده وأما الثاني : فلأن هذا الشرط يلائم العقد من وجه ولا يلائمه من وجه وهذا يوجب الفساد على ما نذكر تقريره ثم إذا باع بهذا الشرط فأعتقه المشتري ; انقلب العقد جائزا بالإعتاق عند استحسانا حتى يجب على المشتري الثمن سواء أعتقه بعد القبض أو قبله هكذا روى أبي حنيفة ابن شجاع عن رحمهما الله وقال أبي حنيفة أبو يوسف رحمهما الله : لا ينقلب جائزا حتى تلزمه قيمة الجارية وهو القياس ، وهكذا روى ومحمد عن أبو يوسف رحمه الله تعالى . أبي حنيفة
( ووجهه ) ظاهر ; لأن البيع وقع فاسدا من حين وجوده وبالإعتاق لا ينعدم الفساد بل يتقرر ; لأنه إنهاء للملك وإنه تقرير فيوجب تقرر الفساد للفاسد ، والفاسد يفيد الملك بالقيمة لا بالثمن ولهذا لو تلزمه القيمة وكذا لو باعه من رجل أو وهبه فعليه قيمته كذا ههنا هلك العبد في يده قبل الإعتاق رحمه الله ما ذكرنا أن شرط الإعتاق يلائم العقد من وجه ولا يلائمه من وجه ; لأنه إنهاء من وجه وإزالة من وجه : فمن حيث إنه إنهاء كان يلائمه ; لأنه تقرير لكن من حيث إنه إزالة لا يلائمه ; لأنه تغيير موجب العقد فيجب العمل بالشبهين فعملنا بشبه الإزالة ، فقلنا بفساد العقد في الابتداء وعملنا بشبه الإنهاء فقلنا بجوازه في الانتهاء عملا بالشبهين بقدر الإمكان ، فإن قيل : لم لا يعمل بهما على القلب مما قلتم ؟ قيل : لأنه لا يمكن ; لأنا لم نجد جائزا انقلب فاسدا في أصول الشريعة ووجدنا فاسدا انقلب جائزا كما في بيع الرقم ونحوه بخلاف ما إذا باع أو وهب ; لأن ذلك ليس إنهاء الملك وبخلاف ما إذا باع بشرط التدبير أو الاستيلاد فدبرها المشتري أو استولدها أن البيع لا ينقلب إلى الجواز ; لأن التدبير والاستيلاد لا يوجبان إنهاء الملك بيقين لاحتمال قضاء القاضي بجواز بيع المدبر وبجواز بيع أم الولد في الجملة فكان ذلك شرطا لا يلائم العقد أصلا ; فأوجب لزوم الفساد وكذا لو ولأبي حنيفة فالبيع فاسد ; لأن هذا شرط ينتفع به العبد والجارية بالصيانة عن تداول الأيدي فيكون مفسدا للبيع . باع عبدا أو جارية بشرط أن لا يبيعه وأن لا يهبه وأن لا يخرجه عن ملكه