الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                والثاني العدد في العاقد فلا يصلح الواحد عاقدا من الجانبين في باب البيع إلا الأب فيما يبيع مال نفسه من ابنه الصغير بمثل [ ص: 136 ] قيمته أو بما يتغابن الناس فيه عادة ، أو يشتري مال الصغير لنفسه بذلك عند أصحابنا الثلاثة استحسانا ، والقياس أن لا يجوز ذلك أيضا وهو قول زفر رحمه الله وجه القياس أن الحقوق في باب البيع ترجع إلى العاقد وللبيع حقوق متضادة مثل التسليم والتسلم والمطالبة ، فيؤدي إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد مسلما ومتسلما طالبا ومطالبا ، وهذا محال ولهذا لم يجز أن يكون الواحد وكيلا من الجانبين في باب البيع لما ذكرنا من الاستحالة .

                                                                                                                                ويصلح رسولا من الجانبين ; لأن الرسول لا تلزمه الحقوق ، فلا يؤدي إلى الاستحالة ، وكدا القاضي يتولى العقد من الجانبين ; لأن الحقوق لا ترجع إليه فكان بمنزلة الرسول وبخلاف الوكيل في باب النكاح ; لأن الحقوق لا ترجع إليه فكان سفيرا محضا بمنزلة الرسول وجه الاستحسان قوله - تبارك وتعالى - { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } فيملكه الأب ، وكذا البيع والشراء بمثل قيمته وبما يتغابن الناس فيه عادة قد يكون قربانا على وجه الأحسن بحكم الحال .

                                                                                                                                والظاهر أن الأب لا يفعل ذلك إلا في تلك الحال ; لكمال شفقته فكان البيع والشراء بذلك قربانا على وجه الأحسن ، وقوله يؤدي إلى الاستحالة قلنا : ممنوع ، فإنه يجعل كأن الصبي باع أو اشترى بنفسه ، وهو بالغ ، فتعدد العاقد حكما ، فلا يؤدي إلى الاستحالة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية