الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما الحلف على الجلوس فإذا حلف لا يجلس على الأرض فإنه لا يحنث إلا أن يجلس عليها وليس بينه وبينها غير ثيابه فإن كان بينه وبين الأرض حصير أو بورى أو بساط أو كرسي أو شيء بسطه لم يحنث لأن الجالس على الأرض من باشر الأرض ولم يحل بينه وبينها شيء هذا هو الجلوس على الأرض حقيقة إلا أن الجلوس عليها بما هو متصل به من ثيابه يسمى جلوسا على الأرض عرفا وإذا حال بينهما ما هو منفصل عنه من البساط والحصير لا يسمى جلوسا ألا ترى أنه يقال جلس على البساط والحصير لا على الأرض فإذا حلف لا يجلس على هذا الفراش أو هذا الحصير أو هذا البساط فجعل عليه مثله ثم جلس لم يحنث لأن الجلوس يضاف إلى الثاني دون الأول ألا ترى أن الطنفسة إذا جعلت على البوري لا يقال جلس على البوري بل يقال جلس على الطنفسة وكذلك إذا جعل الفراش [ ص: 72 ] على الفراش أو البساط على البساط .

                                                                                                                                وخالف أبو يوسف في الفراش خاصة فقال إذا حلف لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر ونام عليه حنث لأنهما جميعا مقصودان بالنوم لأن ذلك إنما يجعل لزيادة التوطئة وأجمعوا على أنه لو حلف لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه قراما أو محبسا حنث لأن ذلك لا يمنع أن يقال نام على الفراش .

                                                                                                                                ولو حلف لا يجلس على هذا السرير أو على هذا الدكان أو لا ينام على هذا السطح فجعل فوقه مصلى أو فرشا أو بساطا ثم جلس عليه حنث لأنه يقال جلس الأمير على السرير وإن كان فوقه فراش ويقال نام على السطح وإن كان نام على فراش فلو جعل فوق السرير سريرا أو بنى فوق الدكان دكانا أو فوق السطح سطحا لم يحنث لأن الجلوس يضاف إلى الثاني دون الأول وقال محمد إذا كان نوى مباشرته وهي أن لا يكون فوقه شيء لم يدين في القضاء يعنى به إذا حلف لا ينام على السرير فنام على الفراش فوق السرير لأنه نوى غير ظاهر كلامه ولو قال والله لا أنام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراشا لم يحنث لأنه ما نام على ألواح وذكر في الأصل إذا حلف لا يمشي على الأرض فمشى عليها وفي رجله خف أو نعل يحنث لأن المشي على الأرض هكذا يكون عادة ألا ترى أنه لم يجعل بينه وبينها ما هو منفصل عنه وإن مشى على بساط لم يحنث لأنه يقال مشى على البساط وجاء في الشعر

                                                                                                                                نحن بنات طارق نمشي على النمارق

                                                                                                                                ولو مشى على السطح حنث لأنه يقال هذه أرض السطح ويقال لمن على السطح لا تنم على الأرض .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية