فصل : ثم هم مع هذه الأصول ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة ، ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا . ويحافظون على الجماعات
، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ويدينون بالنصيحة للأمة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص ؛ يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه . مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر
. ويأمرون بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء
ويدعون إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : . أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا
ويندبون إلى أن . تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك
، ويأمرون ببر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وحسن الجوار . والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل ، والرفق بالمملوك
. وينهون عن الفخر ، والخيلاء ، والبغي ، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق
. ويأمرون بمعالي الأخلاق ، وينهون عن سفسافها
وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة ، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 72 ] لكن لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة ، وفي حديث عنه أنه قال : ، صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة . هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي
، ومصابيح الدجى ، أولو المناقب المأثورة ، والفضائل المذكورة ، وفيهم الأبدال ، وفيهم الصديقون ، والشهداء ، والصالحون ، ومنهم أعلام الهدى ، وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : وفيهم أئمة الدين ، الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ، نسأل الله أن يجعلنا منهم وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب . لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خالفهم ، ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة
والله أعلم .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .