[ ص: 193 ] طبقة أخرى
وقال المزني في عقيدته : الحمد لله أحق ما بدى ، وأولى من شكر ، وعليه أثني ، الواحد الصمد ، ليس له صاحبة ولا ولد ، جل عن المثل ، فلا شبيه له ولا عديل ، السميع البصير العليم الخبير المنيع الرفيع ، عال على عرشه ، فهو دان بعلمه من خلقه ، والقرآن كلام الله ومن الله ، ليس بمخلوق فيبيد ، وقدرة الله ونعته وصفاته كلمات غير مخلوقات ، دائمات أزليات ، ليس محدثات فتبيد ، ولا كان ربنا ناقصا فيزيد ، جلت صفاته عن شبه المخلوقين ، عال على عرشه ، بائن من خلقه ، وذكر ذلك المعتقد وقال : لا يصح لأحد توحيد حتى يعلم أن الله على عرشه بصفاته . قلت : مثل أي شيء ؟ قال : سميع بصير عليم قدير . رواه ابن منده .
وسئل - رحمه الله تعالى - عن حديث محمد بن يحيى الذهلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن معاوية ليعلم العبد أن الله معه حيث كان ، فقال : يريد أن الله علمه محيط بكل ما كان ، والله على العرش .
وقال - رحمه الله تعالى - في آخر الجامع الصحيح في كتاب الرد على أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجهمية : باب قوله تعالى : ( وكان عرشه على الماء ) ، قال أبو العالية : استوى على عرشه : ارتفع . وقال مجاهد في استوى : علا على العرش . وقالت - رضي الله عنها : زوجني الله من فوق سبع سماوات . زينب أم المؤمنين
ثم إنه بوب - رحمه الله تعالى - على أكثر ما تنكره الجهمية من الصفات محتجا بالآيات والأحاديث .
وقال ، وسئل عن تفسير ( أبو زرعة الرازي الرحمن على العرش استوى ) ، فغضب وقال : تفسيره كما تقرأ ، هو على عرشه ، وعلمه في كل مكان ، من قال غير هذا ، فعليه لعنة الله . وقال : سألت أبي عبد الرحمن بن أبي حاتم وأبا زرعة - رحمهما الله تعالى - عن مذهب أهل السنة والجماعة في أصول [ ص: 194 ] الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، حجازا وعراقا ، ومصرا وشاما ويمنا ، فكان من مذهبهم أن الله - تبارك تعالى - على عرشه ، بائن من خلقه ، كما وصف نفسه بلا كيف ، أحاط بكل شيء علما . وقال : ونعتقد أن الله - عز وجل - على عرشه ، بائن من خلقه ، محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي أبو حاتم الرازي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . رواه أبو القاسم الطبري .
وقال : إن الله على العرش ، بائن من خلقه ، أحاط بكل شيء علما ، لا يشذ عن هذه المقالة إلا جهمي يمزج الله بخلقه . رواه صاحب الفاروق . يحيى بن معاذ الرازي
وعن - رحمه الله تعالى - قال : قال لي محمد بن أسلم الطوسي : بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى السماء ، فقلت : وهل أرجو الخير إلا ممن هو في السماء ؟ رواه عبد الله بن طاهر الحاكم في ترجمته . وقال : من زعم أن الله هاهنا ، فهو جهمي خبيث ، عبد الوهاب الوراق . إن الله - عز وجل - فوق العرش ، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة
وكتب حرب الكرماني إلى : إن عبد الرحمن بن محمد الحنظلي الجهمية أعداء الله ، وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق ، وأن الله لم يكلم موسى ، ولا يرى في الآخرة ، ولا يعرف لله مكان ، وليس على العرش ولا كرسي ، وهم كفار فاحذرهم . وقال في كتاب النقض : قد اتفقت الكلمة بين المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته ، يعلم ويسمع من فوق العرش ، لا تخفى عليه خافية من خلقه ، ولا يحجبهم عنه شيء . وقال عثمان بن سعيد الدارمي الإمام رحمه الله تعالى : كيف يسوغ لأحد أن يقول إن الله - سبحانه - بكل مكان على الحلول فيه ، مع قوله : ( أبو محمد بن قتيبة الرحمن على العرش ) ، ومع قوله : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، كيف يصعد إليه شيء هو معه ؟ وكيف تعرج الملائكة والروح إليه وهو معه ؟ قال : لو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرتهم ، وما ركبت عليه ذواتهم من معرفة الخالق ، لعلموا أن الله - عز وجل - هو العلي الأعلى ، وأن الأيدي ترفع بالدعاء إليه ، والأمم كلها عجميها وعربيها تقول : إن الله في السماء ما تركت على فطرها .
وقال أبو بكر بن عاصم الشيباني : [ ص: 195 ] جميع ما في كتابنا - كتاب السنة الكبير - من الأخبار التي ذكرنا أنها توجب العلم فنحن نؤمن بها ; لصحتها وعدالة ناقليها ، ويجب التسليم لها على ظاهرها ، وترك تكلف الكلام في كيفيتها ، فذكر من ذلك النزول إلى السماء الدنيا ، والاستواء على العرش . وقال - رحمه الله - في جامعه لما روى حديث أبو عيسى محمد بن سورة الترمذي ، وهو خبر منكر عند أهل الحديث " لو أنكم أدليتم بحبل إلى الأرض السفلى ، لهبط على الله " فقال : قال أهل العلم : أراد لهبط على علم الله ، وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه . أبي هريرة
وقال في كتاب السنة من سننه : باب في أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الجهمية ، وساق في ذلك حديث ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . وفي رواية : لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا ، فليقل : آمنت بالله الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، ثم ليتفل عن يساره ثلاثا ، وليستعذ من الشيطان . فإذا قالوا ذلك ، فقولوا :
وذكر حديث الأوعال ، وحديث ، وحديث أذن لي أن أحدث عن ملك ، الحديث . جبير بن مطعم
وقد ترجم قبل ذلك وبعده على معتقدات أهل السنة ، وما ورد فيها من الأحاديث - رحمه الله تعالى - كالرؤية والنزول ، وطي السماوات والأرض ، وتكلم الله - عز وجل - والشفاعة والبعث ، وخلق الجنة والنار ، وفتنة القبر وعذابه ، والحوض والميزان ، وغير ذلك . ورد على طوائف الجهمية والمرجئة ، والخوارج والروافض ، رحمه الله تعالى .
وقال - رحمه الله تعالى - في سننه : باب ما أنكرت ابن ماجه الجهمية [ ص: 196 ] ، فساق حديث الرؤية ، وحديث أبي رزين ، وحديث جابر : ، الحديث . تقدم ، وحديث الأوعال وغيرها . وكذلك بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور مسلم في صحيحه ، في سننه ، وغيرهم من أهل السنن ساقوا أحاديث الصفات ، وأمروها كما جاءت ، لم يتعرضوا لها بكيف ولا تأويل . والنسائي
وقال رحمه الله تعالى : ذكروا أن ابن أبي شيبة الجهمية يقولون : ليس بين الله وبين خلقه حجاب ، وأنكروا العرش وأن الله فوقه ، وقالوا : إنه في كل مكان ، ففسرت العلماء ( وهو معكم ) يعني علمه ، ثم تواترت الأخبار أن الله خلق العرش فاستوى عليه ، فهو فوق العرش متخلصا من خلقه ، بائنا منهم .
وقال رحمه الله تعالى : لا يجوز لمؤمن أن يقول كيف الاستواء لمن خلق الاستواء ؟ ولنا عليه الرضا والتسليم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنه - تعالى - على العرش . سهل بن عبد الله التستري
قال : وإنما سمي الزنديق زنديقا ; لأنه وزن دق الكلام بمخبول عقله ، وترك الأثر وتأول القرآن بالهوى ، فعند ذلك لم يؤمن بأن الله - تعالى - على عرشه .