[ ص: 860 ] البحث الثاني : اعتقاد وجودهما الآن :
قال الله تعالى في الجنة : ( أعدت للمتقين ) ( أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ) ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) ( السجدة : 17 ) وقال تعالى : ( عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ) ( النجم : 14 ) وغيرها من الآيات يخبر تعالى أنها معدة قد أوجدت ، وأنها مخفية لأولياء الله تعالى مدخرة لهم ، وأنها في السماء وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها ليلة المعراج ورآها . وقال تعالى في النار : ( أعدت للكافرين ) وقال : ( وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) ( والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) ( إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا ) فهي أيضا معدة لأعداء الله تعالى مرصدة لهم .
وقال في صحيحه " باب البخاري " ثم ذكر فيه حديث ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ابن عمر " . وحديث إذا مات أحدكم فإنه يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عمران بن حصين " . وحديث اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء رضي الله عنه قال " أبي هريرة فذكرت غيرته فوليت مدبرا . فبكى لعمر بن الخطاب عمر وقال : أعليك أغار يا رسول الله " ؟ وحديثه رضي الله [ ص: 861 ] عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هذا القصر فقالوا فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) . قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم : (
ثم ساق الأحاديث في صفتها ثم قال " باب " ثم ذكر فيه حديث صفة النار وأنها مخلوقة أبي ذر وأبي سعيد رضي الله عنهما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " " . وحديث أبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة " . وحديث اشتكت النار إلى ربها فقالت : رب أكل بعضي بعضا . فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فأشد ما تجدون في الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير ابن عباس ورافع بن خديج وعائشة رضي الله عنهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وابن عمر " . وحديث الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة " . وفيه من حديث ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " قيل يا رسول الله إن كانت لكافية . قال : " فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها في المعراج " أنس بن مالك " . [ ص: 862 ] وفيه من حديث ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي ، ثم أدخلت الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ وإذا ترابها المسك مالك بن صعصعة في ذلك وفيه " جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات " الحديث . ثم رفعت إلي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة . قال : هذه سدرة المنتهى ، وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذان يا
وفيهما من حديث صلاة الكسوف وخطبته صلى الله عليه وسلم فيها وأنه عرضت عليه الجنة والنار وأنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يتناول من الجنة عنقودا فقصرت يده عنه ، وأنه لو أخذ لأكلوا منه ما بقيت الدنيا ، وأنه رأى النار ورأى فيها صاحب المحجن الذي كان يسرق الحاج ، ورأى فيها عمرو بن لحي يجر قصبه في النار ، ورأى المرأة التي تعذب هرة حبستها وقال صلى الله عليه وسلم : " " . لم أر منظرا كاليوم أفظع
وفي صحيح مسلم والسنن والمسند من حديث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة " . لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبرائيل إلى الجنة فقال : اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها . فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها فرجع فقال : وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها . فأمر بالجنة فحفت بالمكاره ، فقال : ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها ، قال فنظر إليها ثم رجع فقال : وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد ، قال ثم أرسله إلى النار قال اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضا ثم رجع فقال : وعزتك لا يدخلها أحد سمع بها فأمر بها فحفت بالشهوات ثم قال اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر إليها فرجع فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها
[ ص: 863 ] وقد تقدم في أحاديث عذاب القبر وأحوال البرزخ وذكر الجنة والنار ورؤية كل منزلة فيها ، وعرض مقعده عليه وفتح باب إحديهما إليه وأن أرواح المؤمنين في عليين وأرواح الفجار في سجين ، وغير ما ذكرنا من الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة ما لا يحصى ، وإلى هذه المسألة الإشارة بقولنا ( موجودتان ) .