الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

      الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

      صفحة جزء
      الحديث به عنه وعن أبي ذر

      وأما حديثه مع أبي ذر رضي الله عنهما فقال النسائي في كتاب الإيمان من مجتبى سننه : صفة الإيمان والإسلام . أخبرنا محمد بن قدامة عن جرير عن أبي فروة عن أبي زرعة عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل ، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه ، وإنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم في طرف البساط فقال : السلام عليك يا محمد . فرد عليه السلام قال : أدنو يا محمد ؟ قال : ادنه فما زال يقول أدنو مرارا ويقول له ادن حتى وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : يا محمد ، أخبرني ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان . [ ص: 585 ] قال : إذا فعلت ذلك فقد أسلمت ؟ قال : نعم . قال : صدقت . فلما سمعنا قول الرجل " صدقت " أنكرنا . قال : يا محمد ، أخبرني ما الإيمان ؟ قال : الإيمان بالله وملائكته والكتاب والنبيين وتؤمن بالقدر . قال : فإذا فعلت ذلك فقد آمنت ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم . قال : صدقت . قال : يا محمد ، أخبرني ما الإحسان ؟ فقال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : صدقت . قال : يا محمد ، أخبرني متى الساعة ؟ قال : فنكس فلم يجبه شيئا ، ثم أعاد فلم يجبه شيئا ثم أعاد فلم يجبه شيئا ، ورفع رأسه فقال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن لها علامات تعرف بها ، إذا رأيت الرعاء البهم يتطاولون في البنيان ، ورأيت الحفاة العراة ملوك الأرض ، ورأيت الأمة تلد ربها في خمس لا يعلمها إلا الله : ( إن الله عنده علم الساعة ) إلى قوله : ( إن الله عليم خبير ) ثم قال : لا والذي بعث محمدا بالحق هاديا وبشيرا ما كنت بأعلم به من رجل منكم ، وإنه لجبريل نزل في صورة دحية الكلبي رضي الله عنه .

      وقال أبو داود في باب القدر من كتاب السنة من سننه : حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن فروة عن أبي زرعة بن عمر بن جرير عن أبي ذر وأبي هريرة قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . . الحديث . وفيه : فبنينا له دكانا من طين فجلس عليه وكنا نجلس بجنبتيه . وذكر نحو هذا الخبر فأقبل رجل فذكر هيئته حتى سلم من طرف السماط فقال : السلام عليك يا محمد . قال : فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم .

      فحاصل طرق حديث أبي هريرة وحده ومع أبي ذر رضي الله عنهما أبو زرعة عن أبي هريرة وعنه أبو حيان وأبو فروة وعمارة بن القعقاع ، وعن أبي حيان إسماعيل بن إبراهيم بن علية وجرير ومحمد بن بشر ، وعن إسماعيل مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأحمد بن حنبل ، وعن جرير إسحاق وزهير بن حرب ومحمد بن قدامة وعثمان بن أبي شيبة وعن محمد بن بشر محمد بن [ ص: 586 ] نمير ، وعن كل من عمارة وأبي فروة جرير . والله أعلم .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية