[ ص: 253 ] nindex.php?page=treesubj&link=29434_34511قالوا : وقوله : على لسان أشعيا النبي : ( ييبس القتاد ، ويجف العشب ، وكلمته باقية إلى الأبد ) .
فيقال : إما أن يريد بكلمة الله علمه ، أو كلمة معينة ، أو تكون كلمة الله اسم جنس ، وعلى التقديرات الثلاثة لا حجة لكم في ذلك ، فإنه إن كان كلمة الله اسم جنس لكل ما تكلم الله به كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم : -
nindex.php?page=hadith&LINKID=663940من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله [ ص: 254 ] ولهذا جمعها في قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا .
وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا .
فالمراد بذلك أن ما قاله الله فهو حق ثابت لا يبطل .
كما قال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا .
يعني بتمامها نفاذ ما وعدهم به من النصر على
فرعون ، وإهلاكه ، وإخراجهم إلى
الشام .
وقال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا .
ومنه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته .
[ ص: 255 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=15سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل .
ومن هذا الباب قول
المسيح السماء والأرض يزولان ، وكلامي لا يزول ، فإن أراد علم الله ، فعلم الله باق سواء أراد به علمه القائم بذاته أو معلومه الذي أخبر ببقائه فلا حجة لكم فيه ، وكذلك إن أراد كلمة معينة فإن
المسيح عندكم ليس كلمة معينة من كلامه ، بل هو عندكم هو الكلمة وهو الله الخالق وليس في هذا اللفظ ما يدل على أنه أراد بالكلمة
المسيح والمسيح عندكم أزلي أبدي لا يوصف بالبقاء دون القدم ولو قدر أنه أراد بالكلمة
المسيح فنحن لا ننكر أنه يسمى بالكلمة ، لأنه قال له : كن فكان ، كما سيأتي بيان ذلك ، ويريد
[ ص: 256 ] بذلك إما بقاؤه إلى أن ينزل إلى الأرض ، وإما أن يريد بقاء ذكره والثناء عليه ، ولسان صدق له إلى آخر الزمان .
ومما يوضح هذا وأنه ليس المراد به ما يدعونه ، أنه قال : وكلمة الله باقية إلى الأبد فوصفها بالبقاء دون القدم .
وعندهم أن الكلمة المولودة من الأب قديمة أزلية لم تزل ولا تزال ومثل هذا لا يحتاج أن يوصف بالدوام والبقاء ، بخلاف ما وعد به من النعيم والرحمة والثواب ، فإنه يوصف بالبقاء والدوام كما في القرآن :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35أكلها دائم وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=54إن هذا لرزقنا ما له من نفاد .
وفي الزبور : اعترفوا للرب ، فإنه صالح ، وإنه إلى الأبد رحمته .
[ ص: 253 ] nindex.php?page=treesubj&link=29434_34511قَالُوا : وَقَوْلُهُ : عَلَى لِسَانِ أَشْعِيَا النَّبِيِّ : ( يَيْبَسُ الْقَتَادُ ، وَيَجِفُّ الْعُشْبُ ، وَكَلِمَتُهُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْأَبَدِ ) .
فَيُقَالُ : إِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِكَلِمَةِ اللَّهِ عِلْمَهُ ، أَوْ كَلِمَةً مُعَيَّنَةً ، أَوْ تَكُونُ كَلِمَةُ اللَّهِ اسْمَ جِنْسٍ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَاتِ الثَّلَاثَةِ لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ كَلِمَةُ اللَّهِ اسْمَ جِنْسٍ لِكُلِّ مَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : -
nindex.php?page=hadith&LINKID=663940مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ ص: 254 ] وَلِهَذَا جَمَعَهَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا .
وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا .
فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ مَا قَالَهُ اللَّهُ فَهُوَ حَقٌّ ثَابِتٌ لَا يَبْطُلُ .
كَمَا قَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا .
يَعْنِي بِتَمَامِهَا نَفَاذَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ النَّصْرِ عَلَى
فِرْعَوْنَ ، وَإِهْلَاكِهِ ، وَإِخْرَاجِهِمْ إِلَى
الشَّامِ .
وَقَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ .
[ ص: 255 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=15سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ
الْمَسِيحِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ يَزُولَانِ ، وَكَلَامِي لَا يَزُولُ ، فَإِنْ أَرَادَ عِلْمَ اللَّهِ ، فَعِلْمُ اللَّهِ بَاقٍ سَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ عِلْمَهُ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ أَوْ مَعْلُومَهُ الَّذِي أَخْبَرَ بِبَقَائِهِ فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَرَادَ كَلِمَةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّ
الْمَسِيحَ عِنْدَكُمْ لَيْسَ كَلِمَةً مُعَيَّنَةً مِنْ كَلَامِهِ ، بَلْ هُوَ عِنْدَكُمْ هُوَ الْكَلِمَةُ وَهُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَلِمَةِ
الْمَسِيحَ وَالْمَسِيحُ عِنْدَكُمْ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ لَا يُوصَفُ بِالْبَقَاءِ دُونَ الْقِدَمِ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَلِمَةِ
الْمَسِيحَ فَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّهُ يُسَمَّى بِالْكَلِمَةِ ، لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ : كُنْ فَكَانَ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ ، وَيُرِيدُ
[ ص: 256 ] بِذَلِكَ إِمَّا بَقَاؤُهُ إِلَى أَنْ يَنْزِلَ إِلَى الْأَرْضِ ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بَقَاءَ ذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، وَلِسَانِ صِدْقٍ لَهُ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ .
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَدَّعُونَهُ ، أَنَّهُ قَالَ : وَكَلِمَةُ اللَّهِ بَاقِيَةٌ إِلَى الْأَبَدِ فَوَصَفَهَا بِالْبَقَاءِ دُونَ الْقِدَمِ .
وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَلِمَةَ الْمَوْلُودَةَ مِنَ الْأَبِ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُوصَفَ بِالدَّوَامِ وَالْبَقَاءِ ، بِخِلَافِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّحْمَةِ وَالثَّوَابِ ، فَإِنَّهُ يُوصَفُ بِالْبَقَاءِ وَالدَّوَامِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35أُكُلُهَا دَائِمٌ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=54إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ .
وَفِي الزَّبُورِ : اعْتَرِفُوا لِلرَّبِّ ، فَإِنَّهُ صَالِحٌ ، وَإِنَّهُ إِلَى الْأَبَدِ رَحْمَتُهُ .