(
nindex.php?page=treesubj&link=28834_28829موقف المعتزلة من السنة والجماعة ) ثم ما قذفوا به المسلمين من التقليد والحشو .
ولو كشف لهم عن حقيقة مذاهبهم كانت أصولهم المظلمة ، وآراؤهم المحدثة ، وأقاويلهم المنكرة ، كانت بالتقليد أليق ، وبما انتحلوها من الحشو أخلق ، إذ لا إسناد له في تمذهبه إلى شرع سابق ، ولا استناد لما يزعمه إلى قول سلف الأمة باتفاق مخالف أو موافق .
إذ فخره على مخالفيه بحذقه ، واستخراج مذاهبه بعقله وفكره من الدقائق ، وأنه لم يسبقه إلى بدعته إلا منافق مارق أو معاند للشريعة مشاقق ، فليس بحقيق من هذه أصوله أن يعيب على من تقلد كتاب الله
[ ص: 13 ] وسنة رسوله ، واقتدى بهما ، وأذعن لهما ، واستسلم لأحكامهما ، ولم يعترض عليهما بظن أو تخرص ، واستحالة : أن يطعن عليه ؛ لأن بإجماع المسلمين أنه على طريق الحق أقوم ، وإلى سبل الرشاد أهدى وأعلم ، وبنور الاتباع أسعد ، ومن ظلمة الابتداع وتكلف الاختراع أبعد وأسلم من الذي لا يمكنه التمسك بكتاب الله إلا متأولا ، ولا الاعتصام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلا منكرا أو متعجبا ، ولا الانتساب إلى الصحابة والتابعين والسلف الصالحين إلا متمسخرا مستهزيا ، لا شيء عنده إلا مضغ الباطل والتكذب على الله ورسوله والصالحين من عباده .
وإنما دينه الضجاج والبقباق والصياح واللقلاق ، قد نبذ قناع الحياء وراءه ، وأدرع سربال السفه فاجتابه ، وكشف بالخلاعة رأسه ، وتحمل أوزاره وأوزار من أضله بغير علم ألا ساء ما يزرون ، فهو كما قال الله - تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ) .
[ ص: 14 ] فهو في كيد الإسلام وصد أهله عن سبيله ، ونبذ أهل الحق بالألقاب أنهم مجبرة ، ورمي أولي الفضل من أهل السنة بقلة بصيرة ، والتشنيع عند الجهال بالباطل ، والتعدي على القوام بحقوق الله والذابين عن سنته ودينه ، فهم كلما أوقدوا نارا لحرب أوليائه أطفأها الله ، ويسعون في الأرض فسادا ، والله لا يحب المفسدين .
(
nindex.php?page=treesubj&link=28834_28829مَوْقِفُ الْمُعْتَزِلَةِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ) ثُمَّ مَا قَذَفُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّقْلِيدِ وَالْحَشْوِ .
وَلَوْ كُشِفَ لَهُمْ عَنْ حَقِيقَةِ مَذَاهِبِهِمْ كَانَتْ أُصُولُهُمُ الْمُظْلِمَةُ ، وَآرَاؤُهُمُ الْمُحْدَثَةُ ، وَأَقَاوِيلُهُمُ الْمُنْكَرَةُ ، كَانَتْ بِالتَّقْلِيدِ أَلْيَقَ ، وَبِمَا انْتَحَلُوهَا مِنَ الْحَشْوِ أَخْلَقَ ، إِذْ لَا إِسْنَادَ لَهُ فِي تَمَذْهُبِهِ إِلَى شَرْعٍ سَابِقٍ ، وَلَا اسْتِنَادَ لِمَا يَزْعُمُهُ إِلَى قَوْلِ سَلَفِ الْأُمَّةِ بِاتِّفَاقِ مُخَالِفٍ أَوْ مُوَافِقٍ .
إِذْ فَخْرُهُ عَلَى مُخَالِفِيهِ بِحِذْقِهِ ، وَاسْتِخْرَاجُ مَذَاهِبِهِ بِعَقْلِهِ وَفِكْرِهِ مِنَ الدَّقَائِقِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى بِدْعَتِهِ إِلَّا مُنَافِقٌ مَارِقٌ أَوْ مُعَانِدٌ لِلشَّرِيعَةِ مُشَاقِقٌ ، فَلَيْسَ بِحَقِيقٍ مَنْ هَذِهِ أُصُولُهُ أَنْ يَعِيبَ عَلَى مَنْ تَقَلَّدَ كِتَابَ اللَّهِ
[ ص: 13 ] وَسُنَّةَ رَسُولِهِ ، وَاقْتَدَى بِهِمَا ، وَأَذْعَنَ لَهُمَا ، وَاسْتَسْلَمَ لِأَحْكَامِهِمَا ، وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمَا بِظَنٍّ أَوْ تَخَرُّصٍ ، وَاسْتِحَالَةٍ : أَنْ يَطْعَنَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ أَقْوَمُ ، وَإِلَى سُبُلِ الرَّشَادِ أَهْدَى وَأَعْلَمُ ، وَبِنُورِ الِاتِّبَاعِ أَسْعَدُ ، وَمِنْ ظُلْمَةِ الِابْتِدَاعِ وَتَكَلُّفِ الِاخْتِرَاعِ أَبْعَدُ وَأَسْلَمُ مِنَ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللَّهِ إِلَّا مُتَأَوِّلًا ، وَلَا الِاعْتِصَامُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مُنْكِرًا أَوْ مُتَعَجِّبًا ، وَلَا الِانْتِسَابُ إِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ إِلَّا مُتَمَسْخِرًا مُسْتَهْزِيًا ، لَا شَيْءَ عِنْدَهُ إِلَّا مَضْغُ الْبَاطِلِ وَالتَّكَذُّبُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ .
وَإِنَّمَا دِينُهُ الضَّجَاجُ وَالْبَقْبَاقُ وَالصِّيَاحُ وَاللَّقْلَاقُ ، قَدْ نَبَذَ قِنَاعَ الْحَيَاءِ وَرَاءَهُ ، وَأَدْرَعَ سِرْبَالَ السَّفَهِ فَاجْتَابَهُ ، وَكَشَفَ بِالْخَلَاعَةِ رَأْسَهُ ، وَتَحَمَّلَ أَوْزَارَهُ وَأَوْزَارَ مَنْ أَضَلَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ، فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) .
[ ص: 14 ] فَهُوَ فِي كَيْدِ الْإِسْلَامِ وَصَدِّ أَهْلِهِ عَنْ سَبِيلِهِ ، وَنَبْذِ أَهْلِ الْحَقِّ بِالْأَلْقَابِ أَنَّهُمْ مُجَبِّرَةٌ ، وَرَمْيِ أُولِي الْفَضْلِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِقِلَّةِ بَصِيرَةٍ ، وَالتَّشْنِيعِ عِنْدَ الْجُهَّالِ بِالْبَاطِلِ ، وَالتَّعَدِّي عَلَى الْقُوَّامِ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَالذَّابِّينَ عَنْ سُنَّتِهِ وَدِينِهِ ، فَهُمْ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِحَرْبِ أَوْلِيَائِهِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .