الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء

( لكنها في الحق توقيفيه لنا بذا أدلة وفيه )



( لكنها ) أي الأسماء الحسنى ( في ) القول ( الحق ) المعتمد عند أهل الحق ( توقيفية ) بنص الشرع وورود السمع بها . ومما يجب أن يعلم أن علماء السنة اتفقوا على جواز إطلاق الأسماء الحسنى والصفات العلى على الباري - جل وعلا - إذا ورد بها الإذن من الشارع ، وعلى امتناعه على ما ورد المنع عنه ، واختلفوا حيث لا إذن ولا منع في جواز إطلاق ما كان - تعالى - متصفا بمعناه ولم يكن من الأسماء الأعلام الموضوعة من سائر اللغات ، إذ ليس [ ص: 125 ] جواز إطلاقها عليه - تعالى - محل نزاع لأحد ، بشرط أن لا يكون إطلاقها يوهم نقصا ، بل كان مشعرا بالمدح ، فالجمهور منعوا إطلاق ما لم يأذن به الشارع مطلقا ، وجوزه المعتزلة مطلقا ، ومال إليه بعض الأشاعرة ، كالقاضي أبي بكر الباقلاني ، وتوقف إمام الحرمين الجويني ، وفصل الغزالي فجوز إطلاق الصفة ، وهي ما دل على معنى زائد على الذات ، ومنع إطلاق الاسم ، وهو ما يدل على نفس الذات ، واحتج للقول المعتمد أنها توقيفية بأنه لا يجوز أن يسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ليس من أسمائه ، فالباري أولى ، وتعلق المعتزلة بأن أهل كل لغة يسمونه - سبحانه - باسم مختص بلغتهم ، كقولهم ( خداي ) وشاع من غير نكير . رد هذا بأنه لو ثبت ، لكان كافيا في الإذن الشرعي . والتوقيفي ما ورد به كتاب أو سنة صحيحة أو حسنة أو إجماع ; لأنه لا يخرج عنهما ، وأما السنة الضعيفة والقياس ، فلا يثبت بهما ; لأن المسألة من العلميات ، فلهذا قال ( لنا ) معشر أهل السنة وأتباع السلف ، ( بذا ) أي باعتبار ثبوت التوقيف في أسماء الباري - جل وعلا - من الشارع ( أدلة ) ، جمع دليل ، ( وفية ) عالية ، توفي بالمقصود ; لأن ما لم يثبت عن الشارع ، لم يكن مأذونا في إطلاقه عليه ، والأصل المنع حتى يقوم دليل الإذن ، فإذا ثبت كان توقيفا .

قال الإمام المحقق ابن القيم في كتابه ( بدائع الفوائد ) : ما يطلق عليه - سبحانه وتعالى - في باب الأسماء والصفات توقيفي ، وما يطلق عليه في باب الأخبار ، لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه ، فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه ، هل هي توقيفية ، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية