[ ص: 465 ] ( تنبيهات )
( أحدها ) منع قوم وجوب لزوم مذهب معين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى المصرية : تنازع المتأخرون من أصحاب الإمام أحمد وغيرهما والإمام الشافعي بحيث يأخذ بعزائمه ؟ ورخصه على قولين ، قال : والمشهور أنه لا يجب كما أنه ليس له أن يقلد في كل مسألة من يوافق غرضه ، وليس له أن يقلد في المسألة الواحدة إذا كان الحق له من لا يقلده إذا كان الحق عليه ، بل عليه باتفاق الأئمة أن يعدل بين نفسه وغيره في الأقوال ، فإذا اعتقد وجوب شيء أو تحريمه اعتقد ذلك عليه وعلى من يماثله كشفعة الجوار ، فليس له ثبوت الشفعة إذا كان هو الطالب وانتفاؤها إذا كان هو المطلوب كما يفعله أهل الهوى متابعة للهوى لا مراعاة للتقوى . هل على العامي أن يلتزم مذهبا واحدا بعينه من مذاهب الأئمة المشهورين
وقال في مواضع أخرى : التمذهب بمذهب بحيث يأخذ برخصه وعزائمه طاعة غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل أمره ونهيه ، وهو خلاف الإجماع . وتوقف أيضا في جواز ذلك فضلا عن وجوبه ، وقال : إن خالفه لقوة الدليل أو زيادة علم أو تقوى فقد أحسن ، ولم يقدح ذلك في عدالته بلا نزاع . وقال : بل يجب في هذه الحال له وأنه نص الإمام . وكذا قال القدري الحنفي : ما ظنه أقوى فعليه تقليده فيه ، وله الإفتاء به حاكيا مذهب من قلده . وقال صدر الوزراء عون الدين أبو المظفر بن هبيرة : إنه من مكايد الشيطان أن يقيم أوثانا في المعنى تعبد من دون الله مثل أن يتبين له الحق ، فيقول : هذا ليس بمذهبنا تقليدا لمعظم عنده قد قدمه على الحق . وقال : أجمعوا على أنه لا يحل للحاكم ولا المفتي تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي إلا بقوله . انتهى . والأشهر الآن عليه أن يتمذهب بمذهب ، قال أبو محمد بن حزم ابن حمدان في الرعاية : هذا الأشهر فلا يقلد غير أهله . وقال في آداب المفتي : يجتهد في أصح المذاهب فيتعبد ، وقطع الكبار بلزوم التمذهب بمذهب ، قال الإمام النووي : هذا كلام الأصحاب ، والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه . انتهى .