وقد اختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=29662حقيقة النفس ما هي ؟ وهل هي جزء من أجزاء البدن ؟ أو عرض من أعراضه ؟ أو جسم مساكن له مودع فيه ؟ أو جوهر مجرد ؟ وهل هي الروح أو غيرها ؟ وهل الأمارة ، واللوامة ، والمطمئنة - نفس واحدة ، أم هي ثلاثة أنفس ؟ وهل تموت الروح ، أو الموت للبدن وحده ؟ وهذه المسألة تحتمل مجلدا ، ولكن أشير إلى الكلام عليها مختصرا ، إن شاء الله تعالى :
فقيل : الروح قديمة ، وقد أجمعت الرسل على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة . وهذا معلوم بالضرورة من دينهم ، أن العالم محدث ، ومضى على هذا الصحابة والتابعون ، حتى نبغت نابغة ممن قصر فهمه في الكتاب والسنة ، فزعم أنها قديمة ، واحتج بأنها من أمر الله ، وأمره غير مخلوق ! وبأن الله أضافها إليه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قل الروح من أمر ربي [ الإسراء : 85 ] وبقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29ونفخت فيه من روحي [ ص: 563 ] [ الحجر : 29 ] كما أضاف إليه علمه وقدرته وسمعه وبصره ويده . وتوقف آخرون .
واتفق أهل السنة والجماعة أنها مخلوقة . وممن نقل الإجماع على ذلك :
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر المروزي ، وابن قتيبة وغيرهما . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=32886الأدلة [ على ] أن الروح مخلوقة ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=62الله خالق كل شيء [ الزمر : 62 ] فهذا عام لا تخصيص فيه بوجه ما ، ولا يدخل في ذلك صفات الله تعالى ، فإنها داخلة في مسمى اسمه . فالله تعالى هو الإله الموصوف بصفات الكمال ، فعلمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره وجميع صفاته - داخل في مسمى اسمه فهو سبحانه بذاته وصفاته الخالق ، وما سواه مخلوق ، ومعلوم قطعا أن الروح ليس هي الله ، ولا صفة من صفاته ، وإنما هي من مصنوعاته . ومنها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا [ الدهر : 1 ] . وقوله تعالى
لزكريا :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا [ مريم : 9 ] . والإنسان اسم لروحه وجسده ، والخطاب
لزكريا ، لروحه وبدنه ، والروح توصف بالوفاة والقبض والإمساك والإرسال ، وهذا شأن المخلوق المحدث .
وأما احتجاجهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85من أمر ربي [ الإسراء : 85 ] - فليس المراد هنا بالأمر الطلب ، بل المراد به المأمور ، والمصدر يذكر ويراد به اسم المفعول ، وهذا معلوم مشهور .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29662حَقِيقَةِ النَّفْسِ مَا هِيَ ؟ وَهَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ ؟ أَوْ عَرَضٌ مِنْ أَعْرَاضِهِ ؟ أَوْ جِسْمٌ مُسَاكِنٌ لَهُ مُودَعٌ فِيهِ ؟ أَوْ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ ؟ وَهَلْ هِيَ الرُّوحُ أَوْ غَيْرُهَا ؟ وَهَلِ الْأَمَّارَةُ ، وَاللَّوَّامَةُ ، وَالْمُطْمَئِنَّةُ - نَفْسٌ وَاحِدَةٌ ، أَمْ هِيَ ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ ؟ وَهَلْ تَمُوتُ الرُّوحُ ، أَوِ الْمَوْتُ لِلْبَدَنِ وَحْدَهُ ؟ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ مُجَلَّدًا ، وَلَكِنْ أُشِيرُ إِلَى الْكَلَامِ عَلَيْهَا مُخْتَصَرًا ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى :
فَقِيلَ : الرُّوحُ قَدِيمَةٌ ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الرُّسُلُ عَلَى أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ مَصْنُوعَةٌ مَرْبُوبَةٌ مُدَبَّرَةٌ . وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِهِمْ ، أَنَّ الْعَالَمَ مُحْدَثٌ ، وَمَضَى عَلَى هَذَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ ، حَتَّى نَبَغَتْ نَابِغَةٌ مِمَّنْ قَصُرَ فَهْمُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَزَعَمَ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَأَمْرُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ! وَبِأَنَّ اللَّهَ أَضَافَهَا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [ الْإِسْرَاءِ : 85 ] وَبِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [ ص: 563 ] [ الْحِجْرِ : 29 ] كَمَا أَضَافَ إِلَيْهِ عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَيَدَهُ . وَتَوَقَّفَ آخَرُونَ .
وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ . وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ :
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا . وَمِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=32886الْأَدِلَّةِ [ عَلَى ] أَنَّ الرُّوحَ مَخْلُوقَةٌ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=62اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [ الزُّمَرِ : 62 ] فَهَذَا عَامٌّ لَا تَخْصِيصَ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا ، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ . فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْإِلَهُ الْمَوْصُوفُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ ، فَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ وَحَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَجَمِيعُ صِفَاتِهِ - دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْخَالِقُ ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ الرُّوحَ لَيْسَ هِيَ اللَّهَ ، وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَصْنُوعَاتِهِ . وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [ الدَّهْرِ : 1 ] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى
لِزَكَرِيَّا :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [ مَرْيَمَ : 9 ] . وَالْإِنْسَانُ اسْمٌ لِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ ، وَالْخِطَابُ
لِزَكَرِيَّا ، لِرُوحِهِ وَبَدَنِهِ ، وَالرُّوحُ تُوصَفُ بِالْوَفَاةِ وَالْقَبْضِ وَالْإِمْسَاكِ وَالْإِرْسَالِ ، وَهَذَا شَأْنُ الْمَخْلُوقِ الْمُحْدَثِ .
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85مِنْ أَمْرِ رَبِّي [ الْإِسْرَاءِ : 85 ] - فَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا بِالْأَمْرِ الطَّلَبَ ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ ، وَالْمَصْدَرُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ .