الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            معلومات الكتاب

                                                            الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع

                                                            الخطيب البغدادي - أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت

                                                            صفحة جزء
                                                            1695 - أنا علي بن أحمد بن إبراهيم البزاز بالبصرة ، نا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ، نا يعقوب بن سفيان قال : ذاكرني زيد بن بشر ، فقال : قد أقمت بمصر ، أفحي أبواك ؟ فقلت : أما الأم فنعم ، وقد عزمت أن أحج العام ، وأخرج إليها ، فقال : سبحان الله! وتقيم إلى إبان الحج ، ثم تحج وتخرج إليها ؟ وما يؤمنك أن تموت فتبقى غصة في نفسك ، ثم قال : ما كنت أظن أنك ترضى لنفسك هذه المنزلة ، تغيب عن أمك في طلب العلم ، فقلت : إنها راضية بغيبتي عنها ، فقال : لا تقل ذلك ، فإن أصحابنا كانوا إذا طعنوا في السن لحقوا بالرباط بالإسكندرية ، ورفضوا الفسطاط . قال : فأخبرني أبو عمر بن إدريس بن يحيى الخولاني - وكنا نقول : إنه من الأبدال ، بل كان كذلك - قال : لما طعن أبي في السن لحق بالإسكندرية للرباط ، فأقام بها ، ورفض الفسطاط ، قال : وكانت أمي حية ، فإذا كان أيام الرباط استأذنتها ، فتأذن لي ، فأخرج إلى الإسكندرية ، فأرابط بها الشهر ، أو الأكثر ، ثم أقدم عليها ، فمات أبي ، فلما كان أيام الرباط ، استأذنتها في الرباط ، فقالت : يا بني أخبرك بحالي - وأنت أمير نفسك - والله يا بني ما خرجت قط إلى الإسكندرية إلا وقلبي معلق بيدي حتى ترجع إلي ، فقلت : يا أمه ، فما لك لم تخبريني بهذا حتى كنت لا أخرج ؟ قالت : يا بني كان أبوك حيا ، وكنت أرى أن له عليك حقا ، وبرا ، فكنت أرى وأوجب على نفسي أن أصبر لما يجب لأبيك عليك من الحق والبر ، فلما أن مات أبوك ، فإن شئت أن تخرج إلى الرباط - على ما أعلمتك - فاخرج ، قال : فقلت : " معاذ الله أن أخرج على ما تصفين ، ولو علمت من قبل الحال ما كنت لأخرج ، فتركت الرباط حتى ماتت أمي " .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية