ولم يختلف أهل السير وغيرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة قلوبهم من قريش وغيرهم، ولا ذكر للمؤلفة قلوبهم في غير آية قسم الصدقات. قالوا: أعطى قريشا مائة بعير مائة بعير، وكذلك أعطى عيينة بن حصن والأقرع بن حابس.
قال : أعطاهم يتألفهم ويتألف بهم قومهم وكانوا أشرافا، فأعطى ابن إسحاق مائة بعير، وأعطى ابنه أبا سفيان بن حرب معاوية مائة بعير، وأعطى مائة بعير، وأعطى حكيم بن حزام الحارث بن هشام مائة بعير، وأعطى مائة بعير، وأعطى سهيل بن عمرو مائة بعير، وأعطى حويطب بن عبد العزى مائة بعير، وكذلك أعطى صفوان بن أمية مالك بن عوف والعلاء بن جارية [ الثقفي حليف بني زهرة ] . قال: فهؤلاء [ ص: 232 ] أصحاب المئين.
وأعطى رجالا من قريش دون المائة، منهم مخرمة بن نوفل الزهري ، وعمير بن وهب الجمحي، وهشام بن عمرو العامري، لا أعرف ما أعطاهم. وأعطى سعيد بن يربوع خمسين بعيرا، وأعطى عباس بن مرداس السلمي أباعر قليلة، فتسخطها وقال في ذلك:
وكانت نهابا تلافيتها بكري على المهر في الأجرع وإيقاظي القوم أن يرقدوا
إذا هجع الناس لم أهجع فأصبح نهبي ونهب العبيـ
د بين عيينة والأقرع وقد كنت في الحرب ذا تدرإ
فلم أعط شيئا ولم أمنع إلا أفائل أعطيتها
عديد قوائمها الأربع وما كان حصن ولا حابس
يفوقان شيخي في المجمع وما كنت دون امرئ منهما
ومن تضع اليوم لا يرفع
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذهبوا فاقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى رضي، فكان ذلك قطع لسانه. وقيل إن عباس بن مرداس أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنت القائل: "فأصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة" فقال : "بين أبو بكر الصديق عيينة والأقرع". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هما واحد. وقال : أشهد أنك كما قال الله عز وجل: ( أبو بكر وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) .
قال أبو عمر :
لو كان ما أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين من خمس [ ص: 233 ] الخمس كما زعم من زعم ذلك أو من الخمس الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: ما شق ذلك - والله أعلم - على الأنصار، حتى قالوا ما هو محفوظ عنهم. وقد كتبت ذلك فيما بعد. ولكنه - صلى الله عليه وسلم - علم من إيمانهم وكرمهم أنهم سيرضون بفعله، لأن حرصهم على ظهور الدين من حرصه، رضي الله عنهم. "ما لي من غنائمكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم"