غزوة الطائف
وكان منصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حنين إلى الطائف . لم يرجع إلى مكة ولا عرج على شيء إلا غزو الطائف قبل أن يقسم غنائم حنين وقبل كل شيء. فسلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجعرانة في طريقه إلى الطائف ثم أخذ على قرن. وابتنى في طريقه ذلك مسجدا وصلى فيه، وأقاد في ذلك المكان [ بدم وهو من رجل من أول دم أقيد به في الإسلام ] بني ليث قتل رجلا من هذيل [ فقتله به ] . ووجد في طريقه ذلك حصنا لمالك بن عوف النصري فهدمه، ووجد هنالك أطما قد تمنع فيه رجل من ثقيف في ماله، فأمر بهدمه. ولم يشهد غزوة حنين ولا الطائف عروة بن مسعود ولا غيلان بن سلمة [ ص: 229 ] الثقفيان، كانا قد خرجا يتعلمان صناعة المنجنيق والدبابات.
ثم نزل - عليه السلام - بقرب الطائف بواد يقال له العقيق، فتحصنت ثقيف وحاربهم المسلمون. وحصن ثقيف لا حصن مثله في حصون العرب. فأصيب من المسلمين رجال بالنبل. فزال النبي - عليه السلام - من ذلك المنزل إلى موضع المسجد المعروف اليوم. فحاصرهم - عليه السلام - بضعا وعشرين ليلة، بل بضع عشرة ليلة، وقيل: عشرين يوما. وكان معه - عليه السلام - امرأتان من نسائه، إحداهما، فموضع المسجد اليوم بين منزلهما يومئذ. وتولى بنيان ذلك المسجد أم سلمة عمرو بن أمية بن وهب بن معتب الثقفي. وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع أعناب الطائف إلا قطعة عنب كانت للأسود بن مسعود أو لابنه في ماله، وكانت تبعد عن الطائف ، وسأله الكف عنها فكف عنها.
وكان يجير بن زهير بن أبي سلمى المزني الشاعر ابن الشاعر شهد حنينا والطائف، وكان حسن الإسلام.