وأما قوله عز وجل : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ، فإن هذا قد اختلف أهل العلم في المراد به ما هو ، وفي حاضري المسجد الحرام من هم ، فأما ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، فكانوا يقولون في ذلك : أهل المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن بعدهم إلى ومحمد بن الحسن مكة ، هم حاضرو المسجد الحرام ، حدثنا بذلك من قولهم سليمان ، عن أبيه ، عن محمد . عن عن أبي يوسف ، ولم يحك فيه خلافا بينهم . أبي حنيفة
وأما آخرون من أهل العلم فكانوا يقولون : حاضروا المسجد الحرام : أهل مكة خاصة دون من سواهم وقد روي عن ، وعن نافع مولى عبد الله بن عمر كما : عبد الرحمن بن هرمز الأعرج
1655 - قد حدثنا قال أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، قال : سمعت نافعا مولى عبد الله بن عمر ، وسئل عن ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ، أجوف قول الله عز وجل ( مكة أو حولها ؟ قال : جوف مكة .
[ ص: 241 ] وقال بذلك . عبد الرحمن الأعرج
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيما اختلفوا فيه منه ، فوجدنا الذين قالوا بالقول الأول يقولون : لكل من كان من حاضري المسجد الحرام دخول مكة بلا إحرام ، إذ كانوا قد جعلوا المكان الذين هم من أهله كمكة ، فجعلوهم كأهل مكة ، وهكذا كان ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف يقولونه في هذا أيضا ، ويحتجون فيه بما روي عن ومحمد بن الحسن . عبد الله بن عمر
1656 - كما حدثنا قال أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، ، أن عبد الله بن وهب ، حدثه عن مالكا ، نافع أقبل من عبد الله بن عمر مكة حتى إذا كان بقديد ، بلغه خبر من المدينة ، فرجع فدخل مكة حلالا . أن
1657 - وكما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال حدثنا ، قال حدثنا سعيد بن منصور هشيم ، قال حدثنا ، عن عبيد الله بن عمر ، نافع ، أنه خرج من ابن عمر مكة يريد المدينة ، فلما بلغ قديدا بلغه عن جيش قدم المدينة ، فرجع ، فدخل مكة بغير إحرام . عن
1658 - وكما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال أخبرنا حماد بن سلمة أيوب ، عن ، نافع خرج من ابن عمر مكة ، وهو يريد المدينة ، فلما كان قريبا لقيه جيش ابن دلجة ، فرجع مكة حلالا . أن
فكان فيما ذكرنا عن ما يدل على ما قالوا ، وعلى أن أهل ابن عمر قديد كأهل مكة فيما ذكرنا .
وقد روي عن في هذا خلاف ما روي عن عبد الله بن عباس فيه . ابن عمر
1659 - كما حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا ، قال [ ص: 242 ] حدثنا سعيد بن منصور هشيم ، قال أخبرنا ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، أنه كان يقول : ابن عباس مكة تاجر ، ولا طالب حاجة ، إلا وهو محرم . لا يدخل
1660 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا قال حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم العبدي المؤذن ، ، قال قال ابن جريج : قال عطاء : ابن عباس . لا عمرة على المكي ، إلا أن يخرج من الحرم ، فلا يدخله إلا حراما
قيل : فإن خرج رجل من لابن عباس مكة قريبا ؟ قال : نعم ، يقضي حاجته ، ويجعل مع قضائها عمرة .
فهذا قد منع الناس جميعا من دخول ابن عباس مكة بغير إحرام ، ففي ذلك دليل أن من كان من غير أهل مكة كان عنده في ذلك خلاف حكم أهل مكة وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا المعنى ، كما حدثنا محمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي ، عن ، عن علي بن معبد . أبي يوسف
1661 - وكما حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، عن أبو يوسف ، ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس مكة يوم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر ، ووضعها بين هذين الأخشبين ، لم تحل لأحد قبلي ، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار ، لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا يرفع لقطتها إلا منشد فقال العباس : إلا الإذخر ، فإنه لا غناء لأهل مكة عنه لبيوتهم وقبورهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الإذخر . إن الله جل وعز حرم
[ ص: 243 ] 1662 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا قال حدثنا مسدد بن مسرهد ، ، عن يحيى بن سعيد أبي ذئب ، قال : حدثني قال : سمعت سعيد المقبري ، أبا شريح الكعبي ، يقول : مكة ، ولم يحرمها الناس ، فمن كان يؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر ، فلا يسفكن فيها دما ، ولا يعضدن فيها شجرة ، فإن ترخص مرخص ، فقال : قد حلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله عز وجل أحلها لي ، ولم يحلها للناس ، وإنما أحلها لي ساعة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل حرم
1663 - وكما حدثنا قال حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي ، ، عن الوليد بن مسلم الأوزاعي ، عن قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني أبو سلمة ، ، قال : أبو هريرة مكة قتلت هذيل رجلا من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن الله عز وجل حبس عن أهل مكة القتل ، وسلط عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي ، ولا تحل بعدي ، وإنما أحلت لي ساعتين من نهار ، وإنها ساعتي هذه حرام ، لا يعضد شجرها ، ولا يختلى شكوها ، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد . لما فتح الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم
1664 - وكما حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة ، قال حدثنا أبو داود الطيالسي عن حرب بن شداد ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : يحيى بن أبي كثير ، مكة الفيل ، وغير أنه قال : ولا يلتقط ضالتها إلا لمنشد . إن الله عز وجل حبس عن أهل
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد بالحرمة إلى مكة دون ما سواها ، فدل ذلك أن سائر الناس سوى أهلها في حكم دخولهم إياها سواء ، فثبت بذلك [ ص: 244 ] ما رويناه عن في هذا الباب ، وفي ثبوت ذلك ما يجب به إن حاضري المسجد الحرام الممنوعين من المتعة هم أهل ابن عباس مكة خاصة كما قال نافع والأعرج ، لا كما قال ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ومحمد ، غير أنه قد روي عن في حاضري المسجد الحرام ما : عبد الله بن عباس
1665 - قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال أخبرنا عن حفص بن غياث ، ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، في ابن عباس ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ، قال : القرى التي حاضري المسجد الحرام : قول الله عز وجل : ( ضجنان ، وعرفان ، ومر ظهران .
فهذا منصوص في حاضري المسجد الحرام خلاف ما استدللنا به عنه مما قد ذكرناه فيما تقدم منا في هذا الباب وإذا جاز أن يلحق بأهل ابن عباس مكة في حضور المسجد الحرام أهل هذه القرى اللائي ذكرنا ، جاز أن يلحق بهم من كان دونها إلى المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس في حجهم وعمرهم ، والله أعلم لما كان حقيقة قوله رضي الله عنه في ذلك .
وقد روي عن ، وعن عبد الله بن عباس ، وعن عبد الله بن الزبير في تأويل المتعة المذكورة في الآية التي تلونا في صدر هذا الباب ، غير ما ذكرنا فيها في هذا الباب مما نحن ذاكروه في الباب الذي يتلوه إن شاء الله تعالى . علقمة بن قيس النخعي ،