قال : وينبغي لمن رمى جمرة العقبة في يوم النحر أن يحلق أو يقصر ، أيهما فعله كان به مؤديا للغرض الذي افترض عليه فيه .
قال الله جل ثناؤه : ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين ) ، غير أن كما الوضوء مرتين مرتين أفضل من الوضوء مرة مرة ، وكما الوضوء ثلاثا أفضل من غير أن يكون التوضؤ مرة مرة مقصرا عن الفرض الذي كان عليه في وضوء الصلاة وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفضيله المحلقين على المقصرين ما : الحلق أفضل من التقصير ،
1531 - قد حدثنا قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، ، أن عبد الله بن وهب ، حدثه عن مالكا ، عن نافع ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ابن عمر اللهم ارحم المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : اللهم ارحم المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : والمقصرين .
1532 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، سفيان ، قال حدثنا ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جابر بن عبد الله اللهم اغفر للمحلقين قيل : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ قال : اللهم اغفر للمحلقين قيل : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ قال : والمقصرين .
1533 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة مؤمل ، قال حدثنا سفيان ، قال حدثنا ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . ابن عمر
[ ص: 190 ] ولم يكن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لخاص من الناس في وقت بعينه كما :
1534 - قد حدثنا قال حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي ، ، عن الوليد بن مسلم الأوزاعي ، عن عن يحيى بن أبي كثير ، أبي إبراهيم الأنصاري ، قال حدثنا قال : أبو سعيد الخدري ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر يوم الحديبية للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة .
فكان ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الحديبية ، لا لسائر الناس سواهم ، لأنه لو كان قصد به إلى سائر الناس سواهم لكان ذلك دليلا على أن التقصير ليس يوفي عن الغرض الواجب ، وكيف يكون ذلك وقد قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحلاله من بعض عمره ؟ كما :
1535 - قد حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة قال حدثنا أبو أحمد سفيان ، عن ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن ابن عباس معاوية ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقصر بمشقص .
1536 - فلا يجوز أن يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فيه تقصير عن الفرض الذي لله عز وجل عليه فيه ، ولا شيئا لا يسع أمته الاقتداء به فيه إلا أن يكون من الأشياء التي خص بها دونهم .
فإن قال قائل : فما كان معنى تركه الترحم على المقصرين في مرتين قد ترحم فيهما على المحلقين ؟
[ ص: 191 ] قيل له : قد روي عن في ذلك ما : عبد الله بن عباس
1537 - قد حدثنا علي بن شيبة ، قال حدثنا ، قال أخبرنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح ، ، عن مجاهد ، ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الحديبية : يرحم الله المحلقين . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : يرحم الله المحلقين . قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : يرحم الله المحلقين . قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : والمقصرين . قالوا : يا رسول الله فما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم ؟ قال : لأنهم لم يشكوا .
ولم يكن ذلك الشك على الشك في الدين ، ولكنه كان على معنى قد بينه كما : جابر بن عبد الله
1538 - قد حدثنا عبيد بن محمد البزار ، قال حدثنا محمد بن يوسف أبو حمة قال حدثنا عن أبو قرة ، زمعة ، عن ، عن زياد بن سعد ، أنه سمع أبي الزبير ، يقول : جابر بن عبد الله حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، وحلق رجال من أصحابه حين رأوه حلق ، وأمسك آخرون ، فقالوا : والله ما طفنا بالبيت ، فقصروا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : رحم الله المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : رحم الله المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : والمقصرين .
فعقلنا بذلك أن الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهه من المقصرين لم يكن هو التقصير ، ولكنه كان وقوفهم عن الحلق وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم للمعاني الذي اطلعت له فعله فكان ذلك منهم كالذي كان من كراهة الناس للإحلال من الحج وتحويله إلى العمرة في حجة الوداع لما أمروا بذلك ، وكوقوفهم عن الإفطار في شهر رمضان في السفر لما أمروا بذلك في السفر حتى كره ذلك منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحتى عزم عليهم فحلوا ، وأفطروا .