الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش - القائلون بأن هذه الصيغ حقيقة في الخصوص دون العموم ، احتجوا بوجهين : [ ص: 119 ] الأول : أن تناول هذه الألفاظ لمرتبة الخصوص متيقن وتناولها لمرتبة العموم غير متيقن ; لأن هذه الألفاظ لا تخلو إما أن تكون للعموم أو للخصوص . وعلى التقديرين يتناول الخصوص . وعلى التقدير الثاني لم يتناول العموم .
وإذا كان تناوله للخصوص متيقنا وللعموم غير متيقن كان جعله حقيقة في الخصوص أولى من جعله حقيقة في العموم ، وإلا يلزم ترجيح المرجوح .
أجاب بأنه إثبات اللغة بالترجيح ، وهو مردود ; لأنه ليس من الطرق المثبتة للغة .
وبأنه معارض بأن جعله حقيقة في العموم أحوط ; لأنه لو حمل على العموم لم يهمل الخصوص ضرورة تناول العموم له ، ولو حمل على الخصوص ، لم يتناوله ، والحمل على ما هو أحوط أولى .
الثاني : أنه لا عام إلا هو مخصص . فيكون الخصوص أغلب .
ويظهر منه أن هذه الألفاظ للخصوص حقيقة ; لأنه إذا تردد اللفظ بين الأغلب وغيره ، كان حمله على الأغلب أظهر .
أجاب بأن تخصيص هذه الألفاظ يحتاج إلى دليل .
واحتياج تخصيصها إلى دليل مشعر بأنها للعموم حقيقة ; لأن [ ص: 120 ] التخصيص إنما يحتاج إلى الدليل ليكون الدليل معارضا لمقتضى العموم ، ولا مقتضى للعموم إلا هذه الألفاظ فيكون حقيقة له .
وأيضا : هذه الألفاظ إنما تكون حقيقة للخصوص إذا لم تكن محتاجة إلى قرينة ودليل موجب للتخصيص ; لأن الحقيقة لا تحتاج إلى قرينة ودليل ؛ وهذه الألفاظ لا تكون للخصوص إلا بدليل وقرينة ، فلا تكون حقيقة له .