425 - حدثنا قال حميد أبو عبيد : وأما البلاد التي لهم فيها السبيل إلى ذلك ، فما كان منها صلحا صولحوا عليه ، فلن ينزع منهم وهو تأويل قول فهذه الأمصار التي ذكرنا في صدر هذا الباب ، وأشباهها مما مصر المسلمون ، هي التي لا سبيل لأهل الذمة فيها إلى إظهار شيء من شرائعهم . الذي ذكرناه ، قوله : وما كان قبل ذلك فحق على المسلمين أن يوفوا لهم به . فمن بلاد الصلح : ابن عباس أرض هجر ، والبحرين ، وأيلة ، ودومة الجندل ، وأذرح . فهذه القرى التي أدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزية . فهم على ما أقرهم عليه رسول الله . وكذلك ما كان بعده من الصلح ، منه بيت المقدس ، افتتحه صلحا ، وعلى هذا مدن عمر بن الخطاب الشام ، كانت كلها صلحا ، دون أرضيها . وكذلك بلاد الجزيرة ، يروى أنها كلها صلح صالحهم عليها [ ص: 281 ] عياض بن غنم .
وكذلك قبط مصر صالحهم وكذلك بلاد عمرو بن العاص خراسان يقال : إنها أو أكثرها صلح على يدي عبد الله بن عامر بن كريز ، فهؤلاء على شروطهم لا يحال بينهم وبينها .
وكذلك كل بلاد أخذت عنوة ، فرأى الإمام ردها إلى أهلها وإقرارها في أيديهم على دينهم وذمتهم كفعل بأهل السواد ، وإنما أخذ عنوة على يدي عمر سعد .
وكذلك بلاد الشام كلها عنوة ، ما خلا مدنها ، على يدي يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وأبي عبيدة بن الجراح .
وكذلك الجبل أخذ عنوة في وقعة جلولاء ، ونهاوند على يدي سعد [ ص: 282 ] بن أبي وقاص ، والنعمان بن مقرن .
وكذلك الأهواز أو أكثرها ، وكذلك فارس على يدي أبي موسى وعتبة بن غزوان ، وعثمان بن أبي العاص ، وغيرهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - .
فهذه بلاد العنوة وقد أقر أهلها فيها على مللهم وشرائعهم ولكل هذه قصص وأنباء ، نأتي بما علمنا منها إن شاء الله .
فأما الذي فعله بالذي أثرى في تجارة الخمر من تسيير ماشيته وكسر متاعه ، وما فعله علي بأهل عمر زرارة من إحراقها ، وهم ممن قد أقر على ملته ، فإنما وجهه عندنا ، - والله أعلم - ، (أنهما) عملا ذلك ؛ لأن التجارة في الخمر لم تكن مما شرط لهم ، إنما كان لهم في ذمتهم (شربها) ، فأما المتاجر فيها ، وحملها من بلد إلى بلد فلا . وهو بين في حديث يروى عن عمر بن عبد العزيز .