[ ص: 252 ] المسلك الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=21814النص الصريح
وهو أن يذكر دليل من الكتاب أو السنة على التعليل بالوصف بلفظ موضوع له في اللغة من غير احتياج فيه إلى نظر واستدلال ، وهو قسمان :
الأول : ما صرح فيه بكون الوصف علة أو سببا للحكم الفلاني ، وذلك كما لو قال : العلة كذا أو السبب كذا .
[1] القسم الثاني : ما ورد فيه حرف من حروف التعليل كاللام ، وكي ، ومن ، وإن ، والباء .
أما ( اللام ) فكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس ) أي : زوال الشمس ، وكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، وكقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355358كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة )
[2] أي القوافل السيارة .
وذلك يدل على التعليل بالوصف الذي دخلت عليه ( اللام ) لتصريح أهل اللغة بأنها للتعليل .
وأما ( كي ) فكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) أي : كي لا تبقى الدولة بين الأغنياء ، بل تنتقل إلى غيرهم .
وأما ( من ) فكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ) .
وأما ( إن ) فكقوله - عليه السلام - في قتلى
أحد : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355359زملوهم بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما ، اللون لون الدم والريح ريح المسك )
[3] ، وكقوله - عليه السلام - في حق محرم وقصت به ناقته : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355360لا تخمروا [ ص: 253 ] رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا " .
[4] وأما ( الباء ) فكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17جزاء بما كانوا يعملون ) .
فهذه هي الصيغ الصريحة في التعليل وعند ورودها يجب اعتقاد التعليل ، إلا أن يدل الدليل على أنها لم يقصد بها التعليل فتكون مجازا فيما قصد بها ، وذلك في ( اللام ) كما لو قيل : ( لم فعلت كذا ؟ ) فقال : ( لأني قصدت أن أفعل ) وكما في قول القائل : ( أصلي لله ) وقول الشاعر : (
لدوا للموت وابنوا للخراب
)
[5] فقصد الفعل لا يصلح أن تكون علة للفعل وغرضا له ، وكذلك ذات الله تعالى لا تصلح أن تكون علة للصلاة ولا الموت علة للولادة ولا الخراب علة للبناء ، بل علة الفعل ما يكون باعثا على الفعل ، وهي الأشياء التي تصلح أن تكون بواعث ، وكما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ) ، وليس كل من شاق الله ورسوله يخرب بيته ، فليست المشاقة علة لخراب البيت اللهم إلا أن يحمل لفظ الخراب على استحقاق الخراب ، أو على استحقاق العذاب فإنه يكون معللا بالمشاقة .
[ ص: 252 ] الْمَسْلَكُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=21814النَّصُّ الصَّرِيحُ
وَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ دَلِيلٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْوَصْفِ بِلَفْظٍ مَوْضُوعٍ لَهُ فِي اللُّغَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ فِيهِ إِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ ، وَهُوَ قِسْمَانِ :
الْأَوَّلُ : مَا صَرَّحَ فِيهِ بِكَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً أَوْ سَبَبًا لِلْحُكْمِ الْفُلَانِيِّ ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ : الْعِلَّةُ كَذَا أَوِ السَّبَبُ كَذَا .
[1] الْقِسْمُ الثَّانِي : مَا وَرَدَ فِيهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيلِ كَاللَّامِ ، وَكَيْ ، وَمِنْ ، وَإِنَّ ، وَالْبَاءِ .
أَمَّا ( اللَّامُ ) فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) أَيْ : زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ، وَكَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355358كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي لِأَجَلِ الدَّافَّةِ )
[2] أَيِ الْقَوَافِلِ السَّيَّارَةِ .
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْوَصْفِ الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ ( اللَّامُ ) لِتَصْرِيحِ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ .
وَأَمَّا ( كَيْ ) فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ) أَيْ : كَيْ لَا تَبْقَى الدُّولَةُ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ ، بَلْ تَنْتَقِلُ إِلَى غَيْرِهِمْ .
وَأَمَّا ( مِنْ ) فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) .
وَأَمَّا ( إِنَّ ) فَكَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَتْلَى
أُحُدٍ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355359زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوْدَاجُهُمْ تَشْخَبُ دَمًا ، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ )
[3] ، وَكَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَقِّ مُحْرِمٍ وَقَصَتْ بِهِ نَاقَتُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355360لَا تُخَمِّرُوا [ ص: 253 ] رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا " .
[4] وَأَمَّا ( الْبَاءُ ) فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .
فَهَذِهِ هِيَ الصِّيَغُ الصَّرِيحَةُ فِي التَّعْلِيلِ وَعِنْدَ وُرُودِهَا يَجِبُ اعْتِقَادُ التَّعْلِيلِ ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَمْ يُقْصَدْ بِهَا التَّعْلِيلُ فَتَكُونُ مَجَازًا فِيمَا قُصِدَ بِهَا ، وَذَلِكَ فِي ( اللَّامِ ) كَمَا لَوْ قِيلَ : ( لِمَ فَعَلْتَ كَذَا ؟ ) فَقَالَ : ( لِأَنِّي قَصَدْتُ أَنْ أَفْعَلَ ) وَكَمَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ : ( أُصَلِّي لِلَّهِ ) وَقَوْلِ الشَّاعِرِ : (
لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ
)
[5] فَقَصْدُ الْفِعْلِ لَا يَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً لِلْفِعْلِ وَغَرَضًا لَهُ ، وَكَذَلِكَ ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً لِلصَّلَاةِ وَلَا الْمَوْتُ عِلَّةً لِلْوِلَادَةِ وَلَا الْخَرَابُ عِلَّةً لِلْبِنَاءِ ، بَلْ عِلَّةُ الْفِعْلِ مَا يَكُونُ بَاعِثًا عَلَى الْفِعْلِ ، وَهِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَوَاعِثَ ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُخْرِبُ بَيْتَهُ ، فَلَيْسَتِ الْمُشَاقَّةُ عِلَّةً لِخَرَابِ الْبَيْتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ لِفَظُّ الْخَرَابِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْخَرَابِ ، أَوْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَذَابِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعَلَّلًا بِالْمُشَاقَّةِ .