الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          المسألة السادسة

          ومن التأويلات البعيدة تأويل أبي حنيفة في قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) حيث إنه قال باعتبار الحاجة مع القرابة وحرمان من ليس بمحتاج من ذوي القربى ، وهو بعيد جدا ، لأن الآية ظاهرة في إضافة الخمس إلى كل ذوي القربى ، بلام التمليك والاستحقاق مومئة إلى أن مناط الاستحقاق هو القرابة فإنها مناسبة للاستحقاق إظهارا لشرفها وإبانة لخطرها ، وحيث رتب الاستحقاق على ذكرها في الآية ، كان ذلك إيماء إلى التعليل بها ، فالمصير بعد ذلك إلى اعتبار الحاجة يكون تخصيصا للعموم ، وتركا لما ظهر كونه علة مومأ إليها في الآية ، وهو صفة القرابة ، وتعليلا بالحاجة المسكوت عنها ، وهو في غاية البعد .

          [ ص: 61 ] فإن قيل : ما ذكرتموه بعينه لازم على قول الشافعي باعتبار الحاجة مع اليتم في سياق الآية .

          قلنا : المختار من قول الشافعي إنما هو عدم اعتبار الحاجة مع اليتم ، وبتقدير القول بذلك فاعتبار الحاجة إنما كان لأن لفظ اليتم مع قرينة إعطاء المال مشعر بها ، فاعتبارها يكون اعتبارا لما دل عليه لفظ الآية ؛ لأنه إلغاء له واليتم بمجرده عن اقتران الحاجة به غير صالح للتعليل ، بخلاف القرابة فإن القرابة بمجردها مناسبة للإكرام باستحقاق خمس الخمس [1] كما ذكرناه فاعتبار الحاجة معها يكون تركا للعمل بما ظهر كونه علة وعمل بغيره وهو مناقضة لا تأويل .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية