الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          المسألة الرابعة

          يجوز تخصيص عموم السنة بخصوص القرآن عندنا ، وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين ، ومنهم من منع ذلك ، ودليله العقل والنقل .

          أما النقل فقوله - تعالى - : ( وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأشياء فكانت داخلة تحت العموم ، إلا أنه قد خص في البعض فيلزم العمل به في الباقي .

          وأما المعقول فما ذكرناه في تخصيص الكتاب بالكتاب .

          فإن قيل : الآية معارضة بقوله - تعالى - : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) ، ووجه الاحتجاج به أنه جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مبينا للكتاب المنزل ، وذلك إنما يكون بسنته .

          فلو كان الكتاب مبينا للسنة لكان المبين بالسنة مبينا لها ، وهو ممتنع .

          وأيضا فإن المبين أصل ، والبيان تبع له ومقصود من أجله ، فلو كان القرآن مبينا للسنة لكانت السنة أصلا والقرآن تبعا ، وهو محال .

          وجواب الآية ، أنه لا يلزم من وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بكونه مبينا لما أنزل امتناع كونه مبينا للسنة بما يرد على لسانه من القرآن ، إذ السنة أيضا منزلة على ما قال - تعالى - : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) غير أن الوحي منه ما يتلى فيسمى كتابا ، ومنه ما لا يتلى فيسمى سنة ، وبيان أحد المنزلين بالآخر غير ممتنع .

          [ ص: 322 ] وما ذكروه من المعنى فغير صحيح ، فإن القرآن لا بد وأن يكون مبينا لشيء ضرورة قوله - تعالى - : ( تبيانا لكل شيء ) وأي شيء قدر كون القرآن مبينا له فليس القرآن تبعا له ، ولا ذلك الشيء متبوعا .

          وأيضا فإن الدليل القطعي قد يبين به مراد الدليل الظني ، وليس منحطا عن رتبة الظني .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية