الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          [ ص: 308 ] المسألة الخامسة

          مذهب أصحابنا أن الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات خلافا لأبي حنيفة .

          ودليلنا في ذلك أن القائل إذا قال : لا إله إلا الله كان موحدا مثبتا للألوهية لله - سبحانه وتعالى - ونافيا لها عما سواه .

          ولو كان نافيا للألوهية عما سوى الرب - تعالى - غير مثبت لها بالنسبة إلى الرب - تعالى - لما كان ذلك توحيدا لله - تعالى - لعدم إشعار لفظه بإثبات الألوهية لله - تعالى - وذلك خلاف الإجماع .

          وأيضا فإنه إذا قال القائل : لا عالم في البلد إلا زيد كان ذلك من أدل الألفاظ على علم زيد وفضيلته ، وكان ذلك متبادرا إلى فهم كل سامع لغوي ، ولو كان نافيا للعلم عما سوى زيد ، غير مثبت للعلم لزيد لما كان كذلك .

          وعلى هذا النحو في كل ما هو من هذا القبيل .

          فإن قيل : لو كان الاستثناء من النفي إثباتا لكان قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا صلاة إلا بطهور ولا نكاح إلا بولي ولا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء " مقتضيا تحقق الصلاة عند وجود الطهور ، والنكاح عند وجود الولي ، والبيع عند المساواة ، ولما لم يكن كذلك علم أن المراد بالاستثناء إخراج المستثنى عن دخوله في المستثنى منه ، وأنه غير متعرض لنفيه ولا إثباته .

          قلنا : الطهور والولي والمساواة لا يصدق عليه اسم ما استثني منه فكان استثناء من غير الجنس ، وهو باطل بما تقدم ، وإنما سيق ذلك لبيان اشتراط الطهور في الصلاة ، والولي في النكاح ، والمساواة في صحة بيع البر بالبر .

          والشرط وإن لزم من فواته فوات المشروط ، فلا يلزم من وجوده وجود المشروط لجواز انتفاء المقتضي أو فوات شرط آخر أو وجود مانع ، والله أعلم .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية