الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          [ ص: 178 ] المسألة الثامنة

          إذا وردت صيغة " افعل " بعد الحظر ، فمن قال إنها للوجوب قبل الحظر اختلفوا ، فمنهم من أجراها على الوجوب ولم يجعل لسبق الحظر تأثيرا كالمعتزلة .

          ومنهم من قال بأنها للإباحة ورفع الحجر لا غير وهم أكثر الفقهاء .

          ومنهم من توقف كإمام الحرمين وغيره .

          والمختار أنها وإن كانت ظاهرة في الطلب والاقتضاء ، وموقوفة بالنسبة إلى الوجوب والندب على ما سبق تقرير كل واحد من الأمرين ، إلا أنها محتملة للإباحة وللإذن في الفعل كما تقدم .

          فإذا وردت بعد الحظر احتمل أن تكون مصروفة إلى الإباحة ورفع الحجر كما في قوله تعالى ( وإذا حللتم فاصطادوا ) ، ( فإذا طعمتم فانتشروا ) ، ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فادخروا " واحتمل أن تكون مصروفة إلى الوجوب ، كما لو قيل للحائض والنفساء : إذا زال عنك الحيض فصلي وصومي .

          وعند هذا فإما أن يقال بتساوي الاحتمالين ، أو بترجيح أحدهما على الآخر .

          فإن قيل بالتساوي امتنع الجزم بأحدهما ووجب التوقف .

          وإن قيل بوجوب الترجيح وامتناع التعارض من كل وجه فليس اختصاص الوجوب به أولى من الإباحة ، إلا أن يقوم الدليل على التخصيص ، والأصل عدمه .

          وعلى هذا أيضا فيجب التوقف ، كيف وأن احتمال الحمل على الإباحة أرجح ؟ نظرا إلى غلبة ورود مثل ذلك للإباحة دون الوجوب .

          وعلى كل تقدير فيمتنع الصرف إلى الوجوب .

          وبالجملة فهذه المسألة مستمدة من مسألة أن صيغة ( افعل ) إذا وردت مطلقة هل هي ظاهرة في الوجوب أو الندب أو موقوفة ؟

          وقد تقرر مأخذ كل فريق وما هو المختار فيه . ( والله أعلم ) .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية