باب أحكام المياه.
قال الله سبحانه وتعالى: ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ، والطهور: هو المطهر.
281 - أخبرنا الإمام أبو منصور محمد بن أسعد، نا الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود، أنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أخبرنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن صفوان بن سليم، سعيد بن سلمة، من آل بني الأزرق، أن المغيرة بن أبي بردة، وهو من بني عبد الدار، أخبره، أنه يقول: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته". أبا هريرة، [ ص: 56 ] . سمع
هذا حديث حسن صحيح.
ويروى: والأرماث: جمع الرمث، وهي خشب يضم بعضها إلى بعض، ويشد ثم يركب. "إنا نركب أرماثا لنا في البحر"،
قال الإمام رضي الله عنه: في هذا الحديث فوائد، منها: أن يجوز مع تغير طعمه ولونه، وهو قول أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعامة العلماء، وروي عن التوضؤ بماء البحر ابن عمر، "كراهية الوضوء بماء البحر". وعبد الله بن عمرو
وكذلك كل ما نبع من الأرض، على أي لون وطعم كان، جاز الوضوء به، وكذلك ما تغير بطول المكث في المكان.
وفيه دليل على أن الطهور هو المطهر، لأنهم سألوا عن تطهير ماء البحر، لا عن طهارته، ولولا أنهم عرفوا من الطهور المطهر، لكان لا يزول إشكالهم بقوله: "هو الطهور ماؤه".
وذهب أصحاب الرأي إلى أن الطهور هو الطاهر في قوله سبحانه وتعالى: ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) حتى جوزوا مثل الخل، وماء الورد، والريق، ونحوها، وجوز الأصم الوضوء بها. إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة،
وعند بعضهم: الطهور: ما يتكرر منه التطهير، كالصبور: اسم لمن [ ص: 57 ] يتكرر منه الصبر، وكالشكور: اسم لمن يتكرر منه الشكر والصبر.
وهو قول ولهذا جوز مالك، الوضوء بالماء المستعمل.
وفيه دليل على أن حكم جميع أنواع حيوان البحر إذا ماتت سواء في الحل، وهو ظاهر القرآن، قال الله سبحانه وتعالى: ( أحل لكم صيد البحر ) [ ص: 58 ] .