2556 - أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أنا ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أحمد بن جعفر القطيعي ببغداد ، نا ، حدثني أبي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، نا عبد الرزاق ، نا عبد الملك بن أبي سليمان ، حدثني سلمة بن كهيل ، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع زيد بن وهب الجهني الذين ساروا إلى علي بن أبي طالب الخوارج ، فقال علي : أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول: " يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم، وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " ، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد، وليس له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعيرات بيض، [ ص: 231 ] أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام ، وتتركون هؤلاء، يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله.
قال : فنزلت سلمة بن كهيل وزيد بن وهب منزلا حتى مررنا على قنطرة، فلما التقينا، وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي ، فقال لهم: ألقوا الرماح، وسلوا سيوفكم من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فتزحفوا فوحشوا برماحهم، وسلوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم، وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان، فقال علي : التمسوا فيهم المخدج.
فالتمسوا، فلم يجدوه، فقام علي بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض، فقال: أخروهم.
فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر علي ، ثم قال: صدق الله، وبلغ رسوله، فقام إليه ، فقال: يا أمير المؤمنين ألله الذي لا إله إلا هو!! لسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ [ ص: 232 ] . عبيدة السلماني
قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له.
هذا حديث صحيح، أخرجه ، عن مسلم ، عن عبد بن حميد . عبد الرزاق
قوله: "فوحشوا برماحهم" معناه: رموا بها على بعد، يقال للإنسان إذا كان في يده شيء، فرمى به على بعد: قد وحش به.
وقوله: "شجرهم الناس برماحهم" أي: دافعوهم بالرماح وكفوهم عن أنفسهم، يقال: شجرت الدابة بلجامها: إذا كففتها به، وقد يكون معناه: أنهم شبكوهم بالرماح، فقتلوهم، من الاشتجار، وهو الاختلاط، والاشتباك، ومنه قوله: شجر بينهم كلام، أي: اختلط، ويروى في هذا الحديث في صفة المخدج فيهم "رجل مثدون اليد " ، ويروى "مثدن اليد " ومعناه: صغير اليد مجتمعة بمنزلة ثندوة الثدي، وأصله مثند، فقدمت الدال على النون كما قالوا: جبذ وجذب، والثندوة مفتوحة الثاء بلا همز، فإذا ضممت الثاء قلت: ثندوءة، مهموزة.
ويروى "مؤدن " و " مودون اليد" وهو مأخوذ من ودنت الشيء، وأدنته: إذا نقصته وصغرته.