2547 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، عن أبو مصعب ، عن مالك أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل ، عن سهل بن أبي حثمة ، أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه، أن عبد الله بن سهل ، ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما، فأتي محيصة، فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل، وطرح في فقير، أو عين، فأتى يهود، فقال: أنتم والله قد قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، فأقبل حتى قدم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه، وعبد الرحمن بن سهل أخو المقتول، فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر ، [ ص: 215 ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحيصة : لحويصة ، ومحيصة ، : "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لا، قال: "فتحلف لكم يهود "قالوا: ليسوا بمسلمين! فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم مائة ناقة حتى أدخلت عليهم في الدار، قال وعبد الرحمن سهل : لقد ركضتني منها ناقة حمراء . " كبر كبر " يريد السن، فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب" فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديث متفق على صحته، أخرجه عن محمد ، وأخرجه عبد الله بن يوسف ، عن مسلم ، عن إسحاق بن منصور ، كلاهما عن بشر بن عمر . مالك
قوله: "وطرح في فقير"، أي: بئر، وفقير النخل: حفرة تحفر للفسيلة إذا حولت لتغرس فيها، والفقير: فم القناة، [ ص: 216 ] وقيل: سمي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار، لأنه كانت فيه حفر صغار حسان .
وقوله: "كبر كبر" فيه إرشاد إلى أن الأكبر أحق بالإكرام والبداية بالكلام.
قال الإمام: صورة قتيل القسامة أن يوجد قتيل، وادعى وليه على رجل، أو على جماعة وعليهم لوث ظاهر، واللوث: ما يغلب على القلب صدق المدعي بأنه وجد فيما بين قوم أعداء لهم لا يخالطهم غيرهم، كقتيل خيبر وجد بينهم، والعداوة بين الأنصار وبين وأهل خيبر ظاهرة، أو اجتمع جماعة في بيت، أو صحراء، وتفرقوا عن قتيل، أو وجد في ناحية قتيل، وثم رجل مختضب بدمه، أو شهد عدل واحد على أن فلانا قتله، أو قاله جماعة من العبيد والنسوان، جاؤوا متفرقين بحيث يؤمن تواطؤهم ونحو ذلك من أنواع اللوث، فيبدأ بيمين المدعي، فيحلف خمسين يمينا، ويستحق دعواه، وإن لم يكن هناك لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، كما في سائر الدعاوى، ثم يحلف يمينا واحدا، أم خمسين يمينا؟ فيه قولان، أقيسهما: يحلف يمينا واحدا.
وممن ذهب إلى البداية بيمين المدعي: ، مالك ، والشافعي قولا بظاهر الحديث، وإذا بدأنا بيمين المدعي وهم جماعة، توزع الأيمان الخمسون عليهم على قدر مواريثهم على أصح القولين، ويجبر الكسر، والقول الثاني: يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا، فإن نكل المدعي عن اليمين، ردت إلى المدعى عليه، فيحلف خمسين يمينا على نفي القتل، فإن كانوا جماعة توزع عليهم على عدد رؤوسهم على أصح القولين. [ ص: 217 ] . وأحمد
وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا يبدأ بيمين المدعي، بل يحلف المدعى عليه، وقالوا: إذا وجد قتيل في محلة يختار الإمام خمسين رجلا من صلحاء أهلها، ويحلفهم على أنهم: ما قتلوه، ولا عرفوا له قاتلا، ثم يأخذ الدية من أصحاب الخطة، فإن لم يعرفوا، فمن سكانها، وليس في شيء من الأصول اليمين مع الغرامة، وإنما جاءت اليمين في البراءة أو الاستحقاق على مذهب من يرى رد اليمين على المدعي، أو يحكم في المال باليمين مع الشاهد.
واختلف أهل العلم في وجوب القصاص بالقسامة، فذهب قوم إلى وجوب القصاص فيها، لقوله: " تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" .
روي ذلك عن ، وهو قول ابن الزبير ، وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز ، مالك وأحمد ، هذا كما لو لم يكن هناك لوث، ونكل المدعى عليه عن اليمين يحلف المدعي، ويستحق القود. وأبو ثور
وذهب جماعة إلى أنه لا يجب به القود، بل تجب الدية مغلظة في ماله، روي ذلك عن ، وبه قال ابن عباس ، الحسن البصري ، وهو قول والنخعي ، وقول الثوري في الجديد، الشافعي وأصحاب الرأي ، وإسحاق ، وتأولوا قوله: " دم صاحبكم " أي: ديته، وقد روي من طريق آخر: " إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب " ، أما إذا ادعى قتل خطإ، أو شبه عمد، وحلف، فالدية على العاقلة، وكان الحكم لا يرى القسامة شيئا. [ ص: 218 ] .
وفي الحديث دليل على ثبوت رد اليمين إذا نكل من توجه عليه اليمين حتى لو ادعى على رجل حقا، فأنكر ونكل عن اليمين، لا يقضى عليه بالنكول، بل يرد اليمين على المدعي، فإن حلف، استحق دعواه، وهو قول ، وذهب أصحاب الرأي إلى أن اليمين لا ترد، بل يقضى بالنكول على المدعى عليه. الشافعي
وفيه أن الحكم بين أهل الذمة كالحكم بين المسلمين في أنهم يحلفون إذا توجه عليهم اليمين، وإذا حلفوا، برئوا، وذهب إلى أن أيمان أهل الكتاب لا تقبل على المسلمين، كما لا تقبل شهادتهم. مالك
وفيه أنهم لما لم يرضوا بأيمان الكفار، وداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده إذ كان من سننه أن لا يترك دما حراما هدرا، وهو على المسلمين، وولي أمرهم.
وتثبت القسامة في قتل العبيد على قول في الجديد، وهو الأصح، فيحلف سيده خمسين يمينا إذا كان ثم لوث، وتستحق قيمته على من يدعي عليه، ولا قسامة في الأطراف، بل القول فيه قول المدعى عليه مع يمينه، سواء كان ثم لوث أو لم يكن. الشافعي
وروي عن سعيد بن عبيد الطائي ، عن في قتيل بشير بن يسار خيبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: " تأتوني بالبينة على من قتل " قالوا: ما لنا بينة، قال: "فيحلفون لكم" .
وعن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 219 ] قال: رافع بن خديج " لكم شاهدان؟ " ، قالوا: لم يكن ثم أحد من المسلمين، قال: "فاختاروا منهم خمسين فاستحلفهم" ، والروايات الصحيحة ما سبق من البداية بأيمان المدعين.