باب القصاص.
قال الله سبحانه وتعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) قال : كان في ابن عباس بني إسرائيل القصاص، ولم يكن فيهم الدية، فقال الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة: ( كتب عليكم القصاص في [ ص: 158 ] القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء ) ، أي: ترك له، وصفح عنه، فالعفو: أن يقبل الدية في العمد، ويترك القصاص.
وقيل: معنى قوله عز وجل: ( فمن عفي له من أخيه شيء ) ، أي: من جعل له من مال أخيه، يعني: القاتل دية ( فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ) ، يعني: يتبع الطالب بالمعروف، فلا يطلب أكثر مما أوجب له من الدية، ويؤدي المطلوب بإحسان، وقيل: ( من أخيه ) يعني بدل أخيه المقتول، كما قال عز وجل: ( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض ) ، أي: بدلكم.
( ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ) مما كتب على من كان قبلكم، ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) قتل بعد قبول الدية.
وقوله سبحانه وتعالى: ( ولكم في القصاص حياة ) ، أراد أن القاتل إذا علم أنه إذا قتل يقص منه، كف عن القتل، ففيه حياته وحياة المقصود قتله.
قال : [ ص: 159 ] حياة منفعة، يقال: ليس بفلان حياة، أي: ليس عنده خير ولا شر. أبو عبيد
وروي عن أبي شريح الكعبي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: " من قتل له قتيل، فأهله بين خيرتين: إما أن يقتلوه أو يأخذوا العقل " .
وفيه دليل على أن الخيار لولي القتيل بين القصاص، أو أخذ الدية، ولا يعتبر رضا القاتل، وقد ذكرنا الاختلاف فيه في كتاب الحج على حديث أبي شريح .