2380 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن ابن شهاب، [ ص: 280 ] عن سالم بن عبد الله، أبيه، أن قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم، ثم يعزلونهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد، أو اتركوا". عمر بن الخطاب،
قال الإمام : وفي الحديث أن ثبت نسبه ، وإن كان المقر واحدا بعد أن كان ممن يحوز جميع ميراث الميت ، فإن مات عن عدد من الورثة ، فأقر بعضهم بنسب ، وأنكر بعضهم ، فلا يثبت النسب ، ولا الميراث ، فإن قيل : لم يوجد في قصة وليد من مات ، فأقر وارثه بابن له ، زمعة إقرار جميع الورثة ، لأنه أقر به عبد بن زمعة وحده ، وكانت أخته سودة تحت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن من جهتها إقرار ولا دعوى .
قيل : قد روي أنه لم يكن لزمعة يوم مات وارث غير ابنه عبد بن زمعة ، لأنه مات كافرا ، وأسلمت سودة في حياته ، وأسلم عبد بن زمعة ، بعده ، فكان ميراثه لعبد وحده ، وقد لا ينكر إن ثبت كون سودة من الورثة أن تكون قد وكلت أخاها بالدعوى ، أو أقرت بذلك ، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يذكر في القصة ، والاعتبار في هذا بقول من يستحق التركة بالإرث ، سواء كان استحقاقه بنسب ، أو نكاح ، أو ولاء ، فلو مات عن ابن ، فأقر بأخ له ، لحقه ، واشتركا في [ ص: 281 ] الميراث ، ولو كان معه زوجة فأنكرت لم يثبت ، ولو مات عن بنت ، فأقرت بأخ لها ، لم يثبت ، لأنها لا ترث جميع المال ، فإن كانت معتقة أبيها ، ثبت ، ولو مات عن ابن ، فأقر بأخ للميت ، فهو يلحق النسب بالجد ، فإن مات جده بعد أبيه ، يثبت إذا كان هو ممن ورث جميع تركة الجد ، وإن مات جده قبل أبيه يشترط أن يكون هذا حائزا جميع تركة من حاز تركة الجد حتى يثبت بقوله النسب ، ولو أقر بوارث يحجب المقر ، يثبت بقوله النسب دون الميراث ، مثل أن مات عن أخ ، فأقر بابن للميت ، يثبت نسب الابن بإقرار الأخ ، ولا ميراث للابن ، لأنه لو ورث حجب الأخ ، وإقرار المحجوب لا يثبت به النسب ، ففي إثبات الميراث له نفي نسبه ، فأثبتنا النسب ومنعنا الميراث ، هذا كله على مذهب ومعنى قوله . الشافعي ،
وذهب أصحاب الرأي إلى أن النسب لا يثبت بقول الواحد ، ولا يشترط إقرار من يرث جميع المال ، بل يشترط عدد الشهادة ، فإن من مات عن بنين وبنات ، فأقر منهم ابنان أو ابن وبنتان يثبت النسب ، والميراث ، وإن أنكر الباقون ، والحديث حجة للقول الأول .
ولو مات عن بنين ، فأقر بعضهم بأخ آخر ، وأنكر الآخرون ، فلا نسب ولا ميراث للمقر به ، عند بعض أهل العلم ، وهو قول وذهب قوم إلى أنه يدخل في الميراث مثل أن كانا أخوين أقر أحدهما بأخ ثالث ، وأنكر الآخر ، لا يثبت النسب بالاتفاق ، ثم عند الشافعي ، يأخذ المقر به نصف ما في يد المقر ، وقال أبي حنيفة ابن أبي ليلى ، وأبو يوسف : يأخذ ثلث ما في يد المقر .
ولو مات عن ابنين ، فأقر أحدهما بدين على الميت ، وأنكر الآخر ، [ ص: 282 ] لا يجب على المقر إلا نصف المقر به على أظهر القولين .
وقال في القديم : يجب عليه جميع الدين إلا أن تكون حصته من التركة أقل من الدين ، فلا يلزمه أكثر مما خصه ، ولو شهد اثنان من الورثة بدين لإنسان على الميت ، فعلى القول الأول يقبل ، ويثبت في جميع التركة ، وهو قول الحسن ، والحكم ، ومالك ، وعلى القول الآخر : لا يقبل ، ويكون كالإقرار ، فيكون من نصيبهما ، وهو قول إبراهيم النخعي ، وأصحاب الرأي .
وأما أمره سودة بالاحتجاب عنه بعد الحكم بالأخوة ، فعلى معنى الاستحباب والتنزه عن الشبهة ، لما رأى من شبه الغلام بعتبة ، والاحتراز عن مواضع الشبه من باب الدين ، وقوله : يعني : لصاحب الفراش وهو الزوج ، أو مالك الأمة ، لأنه يفترشها بالحق ، وقوله : " للعاهر الحجر" . " الولد للفراش" ،
فالعاهر : الزاني ، يقال : عهر إليها يعهر : إذا أتاها للفجور ، والعهر : الزنا ، وقيل : أراد بالحجر الرجم بالحجارة . [ ص: 283 ] .
وقيل : ليس كذلك ، لأنه ليس كل زان يرجم ، وإنما يرجم بعض الزناة ، وهو المحصن ، وإنما معنى الحجر هنا الخيبة والحرمان ، يعني : لا حظ له في النسب ، كقول الرجل لمن خيبه وآيسه من الشيء : ليس لك غير التراب ، وما في يدك إلا الحجر .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا" .
وأراد به الحرمان والخيبة ، وقد كان بعض السلف يرى أن يوضع التراب في كفه جريا على ظاهر الحديث .