باب المساقاة والمزارعة والمضاربة.
2177 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد المليحي ، [ ص: 251 ] أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا موسى بن إسماعيل ، عن جويرية بن أسماء ، عن نافع ، قال: عبد الله بن عمر خيبر ليهود أن يعملوها، ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها " " أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا حديث متفق على صحته، وأخرجه أيضا ، عن محمد ، عن إبراهيم بن المنذر ، عن أنس بن عياض ، وأخرجه عبيد الله ، عن مسلم ، عن زهير بن حرب ، عن يحيى القطان عبيد الله ، عن نافع ، عن ، ابن عمر خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع " . " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل
وروي عن ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، قالت: عائشة ، فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه، ثم يخير يهود يأخذونه بذلك الخرص، أو يدفعونه إليهم بذلك الخرص " عبد الله بن رواحة " كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث . [ ص: 252 ] .
قوله: "أن يعملوها ويزرعوها" أي: يعملوا في النخل منها، ويزرعوا بياض أرضها، ولذلك سموا المساقاة معاملة.
قال الإمام: هذا الحديث يدل على جواز المساقاة، وهي أن يدفع الرجل نخيله أو كرمه إلى رجل ليعمل فيها بما فيه صلاحها وصلاح ثمرها، على أن يكون له جزء معلوم من الثمر، نصف أو ثلث أو ربع على ما يتشارطان، وعليه أهل العلم من الصحابة، ومن بعدهم غير ، فإنه أبطل عقد المساقاة، وخالفه صاحباه أبي حنيفة أبو يوسف ومحمد بن الحسن وقالا بقول جماعة أهل العلم.
واختلفوا فيما تصح فيه المساقاة من الأشجار، فذهب ، في أظهر قوليه إلى أنها لا تصح إلا في النخل والكرم، لأن ثمرهما ظاهر يدركه البصر، فيمكن خرصه، وعلق القول في غيرهما من الثمار كالتين والزيتون والتفاح، لتعذر خرصها بتفرق ثمارها في تضاعيف الأوراق. الشافعي
وجوز ، مالك وأبو يوسف ، ومحمد في جميعها، وجوز في القثاء والبطيخ، وجوز مالك في النخل والكرم والرطاب والباذنجان، وماله ثمرة قائمة إذا دفع أرضا وذلك فيها. [ ص: 253 ] . أبو ثور
أما المزارعة: وهي أن يكون البذر من مالك الأرض، ومن الزارع العمل، وشرط له جزأ معلوما مما يحصل فاختلف أهل العلم فيها، فذهب أكثرهم إلى جوازها، وإليه ذهب ، ابن عمر وعلي ، ، وابن عباس ، وابن مسعود وسعد بن مالك ، قال ، عن قيس بن مسلم : ما أبي جعفر بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع، وهو قول ، سعيد بن المسيب والقاسم ، وعروة ، ، وابن سيرين ، وبه قال وطاوس ، الزهري ، وعمر بن عبد العزيز ، وابن أبي ليلى ، وأحمد وإسحاق ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وحجتهم معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع، وقياسا على المساقاة وعلى المضاربة، التي اتفق أهل العلم على جوازها.
وذهب جماعة إلى، أن المزارعة فاسدة، وهو قول ، مالك وأبي حنيفة ، ، واحتجوا بما روى والشافعي ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال: ما كنا نرى بالمزارعة بأسا حتى سمعت ابن عمر ، يقول: رافع بن خديج إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فتركنا من أجله .
وجوز المزارعة تبعا للمساقاة، إذا كان بين ظهراني النخيل بياض لا يتوصل إلى سقي النخيل إلا بسقي البياض، فإن أفرد المزارعة عن المساقاة، أو أمكن سقي النخيل من غير أن يسقي البياض، لم يجز، ولم يجوز المخابرة، لأنها ليست في معنى المساقاة، لأن البذر في المخابرة يكون من جهة العامل، فالمزارعة: اكتراء العامل ببعض ما يخرج من الأرض، والمخابرة: اكتراء العامل الأرض ببعض ما يخرج منها. [ ص: 254 ] . الشافعي
قال الإمام: وذهب الأكثرون إلى جواز المزارعة، وضعف حديث أحمد بن حنبل ، لما فيه من الاضطراب: مرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومرة يقول: حدثني عمومتي عنه، وصار إلى الحديث الثابت في معاملة أهل رافع بن خديج خيبر ، على أن حديث ، عن ابن عمر رافع ، حديث مجمل، وجاء تفسيره من غير هذا الطريق عن رافع، وعن غيره من الصحابة منها ما: