باب من حلب ماشية الغير بغير إذنه.
2168 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، عن أبو مصعب ، عن مالك ، عن نافع ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عبد الله بن عمر " لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن [ ص: 233 ] تؤتى مشربته، فتكسر خزانته، فينتقل طعامه؟ فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه " .
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن محمد ، وأخرجه عبد الله بن يوسف ، عن مسلم . يحيى بن يحيى
كلاهما عن . مالك
والمشربة كالغرفة يوضع فيها المتاع، وروي بالثاء، أي: يستخرج، ويقال للتراب الذي يخرج من البئر: نثيل، وفي الحديث: " فينتثل طعامه " "نثل ما في كنانته " أي: صبها ونثرها.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه، فإن اضطر في مخمصة، ومالكها غير حاضر، فله أن يحلبها ويشرب ويضمن للمالك، وكذلك سائر الأطعمة، وقال قوم: لا ضمان عليه، لأن الشرع أباحه له، كما لو أكل مال نفسه.
وذهب قوم إلى إباحته لغير المضطر، إذا لم يكن المالك حاضرا، وبه قال ، أحمد وإسحاق ، فإن حلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبنا من غنم رجل من قريش يرعاها عبد له، وصاحبها غائب في مخرجه إلى أبا بكر المدينة ، [ ص: 234 ] واحتجوا بما روى ، عن قتادة ، عن الحسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمرة بن جندب " إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له، فليحتلب وليشرب، وإن لم يكن فيها، فليصوت ثلاثا، فإن أجابه أحد ، فليستأذنه، فإن لم يجبه أحد ، فليحتلب وليشرب ولا يحمل " .
وقد تكلم بعض أهل الحديث في رواية عن الحسن سمرة ، وقالوا: إنما يحدث عن صحيفة سمرة .
وقد رخص بعض أهل العلم لابن السبيل في أكل ثمار الغير، لما روي عن ، عن نافع ، بإسناد غريب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر " من دخل حائطا، فليأكل ولا يتخذ خبنة " وعن ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، سئل عن الثمر المعلق، فقال: عمرو بن شعيب " من [ ص: 235 ] أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة، فلا شيء عليه " .
وعند أكثر أهل العلم لا يباح إلا بإذن المالك، إلا لضرورة مجاعة يأكلها بالضمان إذا لم يجد المالك.
وفي الحديث دليل على إثبات القياس، ورد الشيء إلى نظيره حيث شبه النبي صلى الله عليه وسلم ضروع المواشي في حفظ اللبن بالغرفة التي يحفظ فيها الإنسان متاعه، ويستدل به على وجوب القطع على من حلب لبنا مسترسلا من الماشية في مراحها، أو من الراعية إذا كانت محروسة حراسة مثلها، كما لو سرق متاعا من الغرفة.