باب قدر ما يجب فيه الزكاة من المال.
1569 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي عن أبو مصعب، عن مالك، محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أبي سعيد الخدري "ليس فيما دون خمسة أوسق، من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة".
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن عبد الله بن يوسف، [ ص: 500 ] عن محمد، وأخرجه مالك، عن مسلم، عن عمرو الناقد، عن سفيان بن عيينة، عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن . أبي سعيد
والذود: ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل، يقال: الذود إلى الذود إبل، يريد: أن القليل يضم إلى القليل، فيصير كثيرا، ولا واحد له من لفظه، يقال للواحد: بعير، كما يقال للواحدة من النساء: المرأة، ويقال: الذود للإناث دون الذكور وروى عن محمد بن يحيى بن حبان، يحيى بن عمارة، عن أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أبي سعيد، "ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق".
قال رحمه الله: الوسق ستون صاعا، والصاع: خمسة أرطال وثلث، فكل وسق مائة وستون منا، وجملة الأوسق الخمسة ثمان مائة من [ ص: 501 ] وأجمع العلماء على أنه والأواقي، جمع أوقية وهي أربعون درهما، وكذلك لا تجب في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا، ولا تجب في الإبل حتى تبلغ خمسا. لا تجب في الورق صدقة ما لم يبلغ خمس أواق،
واختلفوا فيما دون خمسة أوسق من التمر والحب، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا شيء فيها كما في قرينتيها، وقال : يجب العشر في كل قليل وكثير منها. أبو حنيفة
واتفقوا على أن كل تمر وحب يجب فيه العشر أنه يجب فيما زاد على الخمسة الأوسق بحسابه، قلت الزيادة أو كثرت، واختلفوا فيما زاد من الورق على مائتي درهم، فذهب أكثرهم إلى أنه يجب فيما زاد بحسابه ربع العشر، قلت الزيادة أم كثرت، يروى ذلك عن علي، وهو قول وابن عمر، وبه قال النخعي، ، الثوري وابن أبي ليلى، ومالك، والشافعي، وروي عن وأحمد، الحسن البصري، وعطاء، وطاوس، والشعبي، أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ أربعين، وهو قول ومكحول، ، وبه قال الزهري ، وخالفه صاحباه. أبو حنيفة
واتفقوا على أنه [ ص: 502 ] . لا يضم الإبل إلى البقر والغنم، ولا التمر إلى الزبيب في تكميل النصاب.
واتفقوا على أنه يضم الضأن إلى المعز في تكميل النصاب.
واختلفوا في الدراهم والدنانير، فذهب بعضهم إلى أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر، بل يعتبر كل واحد بنفسه، وهو قول ابن أبي ليلى، والشافعي، وعليه يدل الحديث، لأنه شرط من الورق خمس أواق، وذهب قوم إلى أنه يضم أحدهما إلى الآخر، وبه قال وأحمد، مالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. والثوري،
وذهب عامتهم إلى أن الحنطة لا تضم إلى الشعير، وقال : يضم أحدهما إلى الآخر. مالك
واتفقوا على أنه لا تضم القطنية إلى الحنطة والشعير، والقطنية أصناف لا يضم بعضها إلى بعض، وعند القطنية كلها صنف واحد. مالك
وفي الحديث دليل على أنه لأنها لا توسق. لا زكاة في البقول والخضروات،
والاعتبار بوزن الإسلام فيما يتعلق به الزكاة من الدراهم والدنانير، لما روي عن عن طاوس، ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابن عمر ، وأراد به أن الدراهم مختلفة الأوزان في الأماكن والبلدان، فمنها البغلي [ ص: 503 ] كل درهم منها ثمانية دوانيق، ومنها الطبري كل درهم منها أربعة دوانيق، ووزن الإسلام كل درهم ستة دوانيق، وهو وزن أهل مكة، وكذلك المكاييل مختلفة، فصاع أهل الحجاز خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وصاع أهل العراق ثمانية أرطال، وهو صاع الحجاج الذي سعر به على أهل الأسواق، وصاع أهل البيت تسعة أرطال وثلث فيما يذكره زعماء الشيعة وينسبونه إلى جعفر بن محمد الصادق، وكذلك أوزان الأرطال والأمناء للناس فيها عادات مختلفة، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة"، أراد به فيما تتعلق به أحكام الشريعة من حقوق الله سبحانه وتعالى دون ما يتعامل به الناس، معناه: أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة في النقود وزن أهل مكة، كل عشرة دراهم منها بوزن سبعة مثاقيل، فإذا ملك منها مائتي درهم وجبت فيها الزكاة، وكذلك الصاع الذي يعتبر في الكفارات وصدقة الفطر، وتقدير النفقات، وما في معناها صاع أهل المدينة، كل صاع خمسة أرطال وثلث، فأما في المعاملات، فيعتبر صاع البلد الذي يعامل فيه الناس ووزنهم، حتى لو أسلم في عشرة مكاييل قمح، أو تمر، أو شعير، وفي البلد مكيلة واحدة معروفة يحمل عليها، وإن كان هناك مكاييل مختلفة فلم يقيد بواحد منها، فالسلم فاسد، ولو باع بعشرة دراهم في بلد هم يتعاملون بالطبرية، أو بالبغلية، فيجب من نقد البلد دون وزن الإسلام. [ ص: 504 ] . الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة"
ولو أقر لإنسان بمكيلة بر، أو عشرة أرطال تمر، فيحمل على عرف البلد.
وكذلك لو أقر بعشرة دراهم يلزمه بوزن البلد، كان أوزن من دراهم الإسلام أو أنقص، وقيل: يلزمه في الإقرار وزن الإسلام لا ينظر إلى عادة البلد، بخلاف الكيل، قال رضي الله عنه: والأولى أن لا يفرق، وقيل: إن وزن الدراهم بمكة كان في الجاهلية على هذا العيار، كل درهم ستة دوانيق، وإنما غيروا السكك منها، ونقشوا فيها اسم الله، فأما الدنانير فكانت تحمل إليهم من بلاد الروم، وكانت العرب تسميها الهرقلية، وأول من ضرب الدنانير في الإسلام عبد الملك بن مروان، وهي تدعى المروانية.
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء الخامس من (شرح السنة).
ويليه الجزء السادس، وأوله: باب زكاة الإبل السائمة والغنم والورق.