باب الشهيد في سبيل الله لا يغسل ولا يصلى عليه.
1500 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل نا قتيبة بن سعيد، عن الليث، ، عن ابن شهاب عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " جابر بن عبد الله،
وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا. كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ " فإذا أشير له إلى أحد قدمه في اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة".
هذا حديث صحيح.
وروي عن عن سعيد بن جبير، ، قال: ابن عباس أمر رسول [ ص: 366 ] الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم.
قال رحمه الله: هذا هو السنة في الشهيد أن ينزع عنه الفراء والجلود، والخفاف، والأسلحة، ويدفن بما عليه من ثياب العامة.
واتفق العلماء على أن واختلفوا في الصلاة عليه، فذهب أكثرهم إلى أنه لا يصلى عليه، وهو قول الشهيد المقتول في معركة الكفار لا يغسل، أهل المدينة، وبه قال مالك، وأحمد. والشافعي،
وذهب قوم إلى أنه يصلى عليه، لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة [ ص: 367 ] وهو قول ، وأصحاب الرأي، وبه قال الثوري إسحاق .
وتأول الأولون ما روي من صلاته على حمزة، فجعلها بمعنى الدعاء، كما روي عن قال: عقبة بن عامر، "صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات".
واختلفوا فيمن فذهب قوم إلى أنه يغسل ويصلى عليه، وبه قال أثخن في المعركة، فحمل وبه رمق، فمات بعده هل يغسل ويصلى عليه، أم لا؟ . مالك
وفي الحديث دليل على أنه يجوز ويقدم إلى القبلة أفضلهم، روي عن دفن الجماعة في القبر الواحد، هشام بن عامر، قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: "احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا".
ويروى: "أعمقوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآنا".
فمات أبي فقدم بين يدي رجلين.
قال رحمه الله: فإذا وضعت جنائز للصلاة عليها، قرب إلى الإمام أفضلهم، روي عمار مولى الحارث بن نوفل، أنه شهد [ ص: 368 ] جنازة امرأة أم كلثوم بنت علي وابنها عمر بن الخطاب، زيد بن عمر، فجعل الغلام مما يلي الإمام، وفي القوم ، ابن عباس وأبو سعيد الخدري، وأبو قتادة ، فقالوا: "هذه السنة". وأبو هريرة، عن
وعن عثمان، : كانوا يجعلون الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة. وابن عمر
وفيه دليل أيضا على أن الأكفان إذا ضاقت جاز أن وقد روي عن يكفن الجماعة في الثوب الواحد، ، عن ابن شهاب ، [ ص: 369 ] قال: أنس بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة يوم أحد، فوقف عليه، فرآه قد مثل به، فقال: "لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية، حتى يحشر يوم القيامة من بطونها".
وقلت الثياب، وكثرت القتلى، فكان الرجل والرجلان والثلاثة يكفنون في الثوب الواحد، ثم يدفنون في قبر واحد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنهم أيهم أكثر قرآنا، فيقدمه إلى القبلة، فدفنهم، ولم يصل عليهم.
أما وإن كان شهيدا في الثواب، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غسل وكفن وصلي عليه، وكان شهيدا. [ ص: 370 ] . القتيل ظلما في غير القتال: فيغسل، ويصلى عليه،
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: يريد: المرأة تموت وفي بطنها ولد، وقيل: هي المرأة تموت ولم يمسسها رجل، فهؤلاء شهداء في ثواب الآخرة، وفرض غسلهم والصلاة عليهم باق. " الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق، وصاحب ذات الجنب، والمبطون، وصاحب الحريق، والذي يموت تحت الهدم، والمرأة تموت بجمع "،
يغسل ويصلى عليه عند أكثر العلماء، قال والمقتول في الحد : لا تترك الصلاة على أحد من أهل القبلة برا كان أو فاجرا. [ ص: 371 ] . الشافعي
واختلف أصحابه فيمن فالأكثرون، قالوا: يصلى عليه، وكان قتل في ترك الصلاة، ، يقول: يصلى على من يقاد منه، ولا يصلى على من قتل في رجم. الزهري
وقال من قتله الإمام في حد، فلا يصلي عليه الإمام، ويصلي عليه غيره إن شاء، لما روي عن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي برزة الأسلمي، "لم يصل على ماعز بن مالك، ولم ينه عن الصلاة عليه".
قال رحمه الله: والصحيح ما روي عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال له خيرا، وصلى عليه. [ ص: 372 ] .
وقال : من قتل من المحاربين أو صلب لم يصل عليه، وكذلك الفئة الباغية لا يصلى على قتلاهم عقوبة لهم، وذهب الأكثرون إلى أنه يصلى عليهم. أبو حنيفة
فأما فاختلف القول في أنه هل يغسل، وهل يصلى عليه؟ فقد قيل: لا يغسل ولا يصلى عليه، كالقتيل في معترك الكفار، وقيل: يغسل ويصلى عليه لأنه مقتول مسلم. [ ص: 373 ] . المقتول من أهل العدل،
وروي عن ، أن الشعبي عليا صلى على عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة، فجعل عمارا مما يليه، وهاشما أمامه، فلما أدخلا القبر جعل عمارا أمامه وهاشما مما يليه.
قال : وبلغنا أن طائرا ألقى يدا الشافعي بمكة في وقعة الجمل، فعرفوها بالخاتم، فغسلوها وصلوا عليها.
واختلفوا في فذهب أكثرهم إلى أنه يصلى عليه، وكان الصلاة على من قتل نفسه، لا يرى الصلاة عليه، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وقال الأوزاعي لا يصلي عليه الإمام، ويصلي عليه غيره، واحتجوا بما روي عن أحمد: أن رجلا قتل نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم. جابر بن سمرة،
قال إسحاق الحنظلي : إنما لم يصل عليه تحذيرا للناس عن مثل ما فعل.
والسقط يصلى عليه إذا مات بعد أن استهل، واختلفوا فيه إذا فذهب قوم إلى أنه لا يصلى عليه، [ ص: 374 ] يروى ذلك عن مات قبل أن يستهل، جابر بن عبد الله، ، وبه قال وابن عباس ، وهو قول الزهري ، والأوزاعي، الثوري ومالك، وأصحاب الرأي، ورفع بعضهم عن والشافعي، جابر، قال: "الطفل لا يصلى عليه حتى يستهل" والأصح أنه موقوف عليه.
وذهب قوم إلى أنه يصلى عليه، يروى ذلك عن ، ابن عمر وبه قال وأبي هريرة، وابن المسيب، وهو قول ابن سيرين، [ ص: 375 ] أحمد، وإسحاق، لما يروى عن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: المغيرة بن شعبة "السقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة".
قال إسحاق: إنما الميراث بالاستهلال، أما الصلاة، فإنه يصلى عليه، لأنه نسمة كتب عليه الشقاء والسعادة. [ ص: 376 ] .