129 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، نا أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان، أنا أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله الهروي، أنا محمد بن يونس القرشي، نا نا عبد الله بن داود، عاصم بن رجاء ابن حيوة، حدثني داود بن جميل، عن كثير بن قيس، قال: في مسجد أبي الدرداء دمشق، فجاء رجل، فقال: يا أبا الدرداء، إني جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث بلغني أنك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما كانت لك حاجة غيره؟ قال: لا، قال: ولا جئت لتجارة؟ [ ص: 276 ] .
قال: لا، قال: ولا جئت إلا فيه؟ قال: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من سلك طريق علم سهل الله له طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن السماوات والأرض والحوت في الماء لتدعو له، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر، العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به، فقد أخذ بحظ وافر". كنت مع
هذا حديث غريب، لا يعرف إلا من حديث عاصم بن رجاء ابن حيوة .
وأبو الدرداء اسمه عويمر بن عامر الأنصاري، نزل الشام، ويقال: اسمه عامر بن مالك، وعويمر لقبه، ويقال: عويمر بن زيد بن قيس بن أسد بن عامر بن الحارث بن خزرج، توفي قبل خلافة عثمان [ ص: 277 ] بسنة، يقال: سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: توفي في خلافة معاوية.
قوله: "وإن الملائكة لتضع أجنحتها" قيل معناه: أنها تتواضع لطالب العلم توقيرا لعلمه، كقوله سبحانه وتعالى: ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) ، وقال الله عز وجل: ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) أي: تواضع لهم.
وقيل: معنى وضع الجناح: هو الكف عن الطيران، والنزول للذكر، كما ذكر في الحديث الأول: "إلا نزلت عليهم السكينة، وحفت بهم الملائكة".
وكما روي عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة، " إن الملائكة يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم "، قال: "فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا".
وقيل: معناه: بسط الجناح، وفرشها لطالب العلم لتحمله عليها، فيبلغه حيث يقصده من البلاد في طلب العلم.
وقيل: معناه: المعونة، وتيسير السعي له في طلبه.
قوله: "وإن السماوات والأرض والحوت في الماء لتدعو له".
قال الشيخ الإمام: أراد أهل السماوات والأرض، كقوله سبحانه وتعالى: ( واسأل القرية ) أي: أهل القرية. [ ص: 278 ] .
وفي بعض الروايات: "وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء".
وقيل: إن لأنهم هم الذين بينوا الحكم فيما يحل منها ويحرم للناس، فأوصوا بالإحسان إليها، ونفي الضرر عنها، مجازاة لهم على حسن صنيعهم. الله سبحانه وتعالى ألهم الحيتان وغيرها من أنواع الحيوان الاستغفار للعلماء،
قال الشيخ الإمام: من حيث إن نفع العلم يتعدى إلى كافة الخلق، وفيه إحياء الدين، وهو تلو النبوة. وفضل العلم على العبادة
وروي عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي أمامة، "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم".
وعن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس، "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد". [ ص: 279 ] .
وقوله: "فمن أخذ به أخذ بحظ وافر".
يعني: من ميراث النبوة.
قال : "تدارس العلم ساعة من الليل خير من إحيائها". ابن عباس
وفي رواية: "تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها".
وقال باب من العلم يحفظه الرجل لصلاح نفسه، وصلاح من بعده، أفضل من عبادة حول. قتادة:
وقال ليس عمل بعد الفرائض أفضل من طلب العلم. الثوري:
وعنه أيضا: ما أعلم اليوم شيئا أفضل من طلب العلم.
قيل له: ليس لهم نية؟ قال: طلبهم له نية.
وقال : من طلب العلم يريد به ما عند الله، كان خيرا له مما طلعت عليه الشمس. الحسن
وقال : كنت عند ابن وهب قاعدا أسأله، فرآني أجمع كتبي لأقوم، قال مالك: "أين تريد؟"، قال: قلت: أبادر إلى الصلاة، قال: "ليس هذا الذي أنت فيه دون ما تذهب إليه إذا صح فيه النية، أو ما أشبه ذلك". مالك
وقال ما عبد الله بمثل الفقه. الزهري:
وقال : ما أعلم عملا أفضل من طلب العلم، وحفظه لمن أراد الله به. سفيان الثوري
وقال في تفسير الجماعة: لو أن فقيها على رأس جبل لكان هو الجماعة. [ ص: 280 ] . سفيان
وقال : إن الناس يحتاجون إلى هذا في دينهم، كما يحتاجون إلى الطعام والشراب في دنياهم. الحسن بن صالح
قال حظ من علم أحب إلي من حظ من عبادة. مطرف بن عبد الله بن الشخير:
وقال : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة. الشافعي
وفي الحديث استحباب وذهب الرحلة في طلب العلم، موسى صلى الله عليه وسلم إلى الخضر، فقال: ( هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا ) .
ورحل مسيرة شهر إلى جابر بن عبد الله عبد الله بن أنيس في حديث واحد. [ ص: 281 ] .
قال العلم قبل القول والعمل، لقول الله عز وجل: ( البخاري: فاعلم أنه لا إله إلا الله ) فبدأ بالعلم.