ذكر الوضوء بالماء النجس لا يعلم به المصلي إلا بعد الصلاة
اختلف أهل العلم في الرجل يتطهر بماء نجس لا يعلم به ويصلي ثم يعلم به بعد الصلاة.
فقالت طائفة: يعيد ما دام في الوقت، وليس عليه أن يعيد إذا مضى الوقت، هذا قول مالك، عنه. ابن القاسم
وحكى عنه أبو عبيد أنه كان يقول: إذا تغيرت في البئر، وتفسخت - يعني الدابة التي تنجس البئر - ، فإنهم يعيدون كل صلاة صلوها بذلك الماء، ويغسلون الثياب التي أصابها.
وفيه قول ثان: وهو أنه يعيد الصلاة في الوقت، وبعد خروج الوقت لا يجزئه غير ذلك، هذا قول الشافعي.
وفيه قول ثالث: وهو أن الرجل إذا توضأ بماء وقع فيه بول أو نجاسة، ما كانت النجاسة، وصلى ولم يعلم بذلك، ثم علم؛ أن [ ص: 387 ] عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها، إذا كان على يقين من أنه توضأ بذلك الماء من بعد أن حلت فيه النجاسة، فإن هو توضأ من ماء بئر وصلى، ثم وجد فيها فارة أو دجاجة ميتة، قد انتفخت أو تفسخت، ولا يعلم متى وقعت فيها، فإن النعمان قال: على من توضأ من تلك البئر وصلى، أن يعيد الوضوء ويعيد صلاة [ ثلاثة ] أيام ولياليهن، وإذا كان قد غسل بذلك الماء ثوبا، أعيد فغسل بماء نظيف، وإن كان قد أصاب الثوب منه أكثر من قدر الدرهم الكبير، وصلى فيه يوما أو أقل، فعليه أن يعيد ما صلى، فإن وجد الدجاجة أو الفارة لم تتفسخ أو لم تنتفخ، ولم يعلم متى وقعت فيها، فإنه يعيد الوضوء، ويعيد صلاة يوم وليلة، وهذا قول النعمان وزفر.
وقال يعقوب ومحمد: وضوءه وصلاته جازئات عنه، وليس عليه أن يعيد شيئا من الصلوات، ولا بأس بالعجين الذي خبز بذلك الماء أن تأكله، ولا يغسل ثوبه حتى يعلم أن ذلك كله كان بعد وقوع الفارة الميتة في البئر؛ لأنه عسى أن يكون صبيا أو غيره ألقاها في البئر من بعد أن توضأ منها هذا الرجل، وهي متغيرة.
وحكى عن ابن المبارك النعمان أنه قال: إذا أصابه دم فلم يدر متى أصابه، فإنه يعيد صلاة يوم وليلة.
قال عبد الله: وعلى قياس قول سفيان يتحرى، والتحري أن يشك في يوم أو يومين فيأخذ بيومين.
[ ص: 388 ] وكان أبو عبيد يقول: الحد عندنا إذا كان الماء كثيرا يزيد على القلتين والثلاثة، فلا إعادة عليهم، فإن غلبت نجاسة بطعم أو ريح، فعليهم إعادة كل صلاة [ صلوها ] منذ يومئذ، وكذلك يغسلون كل ثوب أصابه منه شيء.
قال والذي نقول به أنا ننظر إلى الماء الذي توضأ به المتوضئ وصلى؛ فإن كانت النجاسة غيرت طعمه أو لونه أو ريحه، فعليه الإعادة في الوقت، وبعد خروج الوقت، وغسل كل ثوب وبدن أصابه من ذلك الماء شيء، قل أو كثر، وإن لم تكن النجاسة غيرت للماء طعما، ولا لونا، ولا ريحا، فلا إعادة عليه، وإن شك فلم يدر هل غيرت [ الماء ] أم لا؟ فالماء على أصل طهارته. أبو بكر: