ذكر إقامة الرجل الحد على عبده وأمته دون السلطان
اختلف أهل العلم في الرجل يقيم الحد على عبده وأمته دون السلطان، فقالت طائفة: يقيم الحد عليهما دون السلطان. وممن رأى ذلك: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، والحسن البصري، والزهري، وأبو ميسرة، وهبيرة بن يريم، وأبو المهلب . [ ص: 546 ]
وقال يحيى الأنصاري: كانت الأنصار عند رأس الحول يخرجون من زنى من إمائهم فيجلدونهن في مجالسهم، وقد ذكرنا أسانيد خبر ابن مسعود، . وابن عمر
وقال في الرجل يجب على أمته أو عبده حد الزنا قال: أرى أن يجلدهما إذا لم يبلغهما السلطان، ولا يقيم الرجل الحد على أمته من غير أن يبين بها حمل حتى يشهد على ذلك أربع نفر سواه، أو تقر بذلك . مالك
وكان يقول: يقيم الرجل الحد على جاريته وعبده إذا زنيا دون السلطان . سفيان الثوري
وحكي ذلك عن وبه قال الأوزاعي، الشافعي، . وأبو ثور
قال وبهذا نقول لثبوت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك . أبو بكر:
9225 - حدثنا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، عبيد الله بن عمر، أخبرني أنه سمع سعيد المقبري، يقول: قال رسول الله: أبا هريرة . [ ص: 547 ] "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يعيرها، ولا يقيدها ثم إن زنت فليجلدها ولا يعيرها، ولا يقيدها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر"
9226 - أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا قال: أخبرنا الشافعي، عن مالك، عن ابن شهاب، عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، أن رسول الله سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: "إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير" .
وقال أصحاب الرأي: إذا زنى مملوك الرجل أو مملوكته فعلم بذلك، أقر أو شهدت به عنده الشهود لم يقم عليه الحد، لأن الحد إلى السلطان، وإن علم أنه زنى يعزره يوجعه ضربا، ولا يبلغ به الحد .
قال فأجاز ضربه تعزيرا، وذلك غير واجب على الزاني، ومنع فيما أطلقته السنة مخالفة الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسائر أهل العلم، ثم لم يلجأ إلى حجة يحتج بها علمته . أبو بكر:
9227 - حدثنا قال: أخبرنا محمد بن عبد الوهاب، قبيصة، حدثنا سفيان، عن عبد الأعلى، عن أبي جميلة، عن علي قال: أحدثت جارية للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أقيم الحد عليها، فوجدتها لم تجف من دمائها فأعلمته فقال: "إذا جفت من دمائها فأقم عليها الحد، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " . [ ص: 548 ]
قال فقد ثبت عن نبي الله أنه أمر بجلد الأمة إذا زنت، ثم أمر بجلدها إذا زنت، ثم كذلك، ثم قال: ليبيعها ولو بضفير بعد الثالثة أو الرابعة، فظاهر هذا الحديث يوجب الجلد، ويوجب البيع بعد الثالثة أو الرابعة، إلا أن يكون لأهل العلم في ذلك إجماع أن الأمر ببيعها ندب . أبو بكر: