اليمين في الكلام والكتاب والرسول
قال : وإذا أبو بكر حنث في قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم وكذلك نقول. حلف الرجل أن لا يتكلم اليوم فتكلم بالعربية أو بالفارسية، أو بأي لغة تكلم بها،
وإذا حنث، وكذلك قال حلف أن لا يكلم فلانا فناداه من حيث يسمع الصوت مثله، أو كان نائما فناداه فأيقظه، ، وأصحاب الرأي. أبو ثور
وقال : إذا ناداه بحيث يسمع كلامه، حنث وإن لم يسمعه، وإن كلمه حيث لا يسمع كلام أحد كلمه لم يحنث في قول الشافعي ، الشافعي وأصحاب الرأي، وكذلك نقول. وأبي ثور
وإن مر بقوم فسلم عليهم، وهو فيهم، فقد روي عن الحسن أنه قال: يحنث، قال أبو عبيد : وكذلك قول مالك وأهل الحجاز ، وبه يقول الكوفيون من أهل العراق ، وبه قال أبو عبيد : [ ص: 254 ] أن السلام كلام؛ لأن إماما لو سلم في الركعتين متعمدا كان قاطعا لصلاته كما يقطعها المتكلم، ومما يبين ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الهجرة، وأمر بإفشاء السلام، فقد بين أمره لك بهذا ونهيه عن هذا أنهما متضادان، وأن المسلم على صاحبه ليس بهاجر له.
قال : وكذلك حكى أبو بكر عن ابن القاسم وقال: علم أنه فيهم أو لم يعلم، إلا أن يحاشيه. مالك،
وقال : لا يحنث إلا أن ينويه فيمن يسلم عليه. الشافعي
وحكى الربيع أنه يعرف للشافعي فيما يعلم أنه يحنث إلا أن يعزله بقلبه في أن لا يسلم عليه.
واختلفوا في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فكتب إليه، أو أرسل إليه رسولا، فروي عن عطاء أنه قال في الكتاب: لا أراه كلمه، وقال في الرسول: ليس بكلام. سفيان الثوري
وقال في الكتاب والرسول: الورع أن يحنث، ولا يبين أن يحنث، وفيه قول ثان وهو أن يحنث في الكتاب، كذلك قال الشافعي النخعي والحكم، واختلف فيه عن فحكى مالك، عنه أنه قال: يحنث في الكتاب والرسول، إلا أن يكون له نية على المشافهة، ثم ذكر أنه رجع بعد ذلك فقال: لا ينوي في الكتاب وأراه يحنث، وبه قال ابن القاسم ، وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: الرسول أهون من الكتاب؛ لأن الكتاب سر لا يعلمه إلا هو وصاحبه، وإذا أرسل إليه [ ص: 255 ] رسولا علم ذلك الرسول. ابن أبي أويس
قال : قال مالك: وإن كتب إليه فأخذ الكتاب قبل أن يصل إلى المحلوف عليه فلا أرى عليه حنثا، قال: هو آخر قوله، وبه قال ابن القاسم ، وكان ابن القاسم عبد الملك يقول: إذا حلف أن لا يكلم فلانا، فكتب إليه، حنث، وإذا حلف ليكلمنه فكتب إليه لم يبر.
وكان أبو عبيد يقول: العمل عندنا قول عطاء ، مع رأي أهل العراق : أن الكلام سوى الخط وكذلك الإشارة، والأصل في هذا تأويل القرآن، ألا ترى أن الله قال لزكريا ( آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ) وقال في موضع آخر ( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) وتفسير الرمز: التنويه بالشفتين، وتفسير الوحي: الخط، وللإشارة يقال: كتب إليهم، ويقال: أشار إليهم، وفي قصة مريم: ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) ثم قال: ( فأشارت إليه ) فصار الإيماء والخط خارجين من معنى المنطق.
وقال : لا يحنث في الكتاب، وكذلك لو أومأ إليه أو أشار. أبو ثور
قال : لا يحنث في الكتاب، ولا الرسول، ولا الإيماء، ولا الإشارة. [ ص: 256 ] أبو بكر