ذكر مبايعة من الغالب على أمواله الحرام وقبول هداياه وجوائزه
اختلف أهل العلم في . مبايعة من يخالط ماله الحرام وقبول هدايا من هذه صفته وجوائزه
فرخصت طائفة في ذلك ، كان لا يرى بأسا أن يأكل الرجل من طعام العشار والصراف والعامل ، وكان يقول : قد أحل الله طعام اليهود والنصارى ، وأكله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون . الحسن البصري
وقال مكحول : إذا اختلط المال وكان فيه الحرام والحلال فلا بأس أن يؤكل منه ، وإنما يكره من ذلك الشيء الذي يعرفه بعينه . وقال والزهري : لا بأس ما لم يعرفوا شيئا بعينه . الحسن البصري
وكان يقول : لا [نحب ] مبايعة من أكثر ماله ربا ، أو ثمن المحرم ما كان ، أو اكتساب المال من المحرم ، وإن بايع رجل رجلا من هؤلاء لم أفسخ البيع ، لأن هؤلاء قد يملكون حلالا ، ولا يحرم حراما بينا إلا أن يشتري الرجل حراما يعرفه ، والمسلم والذمي والحربي في هذا سواء ، الحرام حرام كله . الشافعي
قال : وقد احتج بعض من رخص في معاملة من يخالط ماله الحرام بقول الله لما ذكر اليهود فقال : ( أبو بكر سماعون للكذب أكالون للسحت ) . [ ص: 465 ]
وقد ، وقد ذكرت إسناد هذا الحديث في كتاب الرهن . واحتجوا بأن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقبلون جوائز قوم . رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند يهودي
8309 - حدثنا ، قال : حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب أبو معاوية ، قال : حدثنا ، عن الأعمش ، قال : حبيب بن أبي ثابت ابن عمر تأتيهما هدايا وابن عباس المختار فيقبضانها . رأيت
8310 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن معاذ بن معاذ ابن عون ، قال : المختار إلى حقائب فيها مال عشرين ألفا فلم يقبلها . قال : فبقيت مطروحة في الشمس حتى كلم فيها فقبلها بعد ابن عمر . بعث
8311 - حدثنا علي ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : حدثنا ثابت ، عن أبي رافع ، أن قال : أبا هريرة . [ ص: 466 ] ما أحد يهدي إلي هدية إلا قبلتها ، فأما أن أسأل فلم أكن لأسأل
8312 - حدثنا علي ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن حميد ، عن سليمان ابن قتة ، قال : عمر بن عبيد الله بن معمر إلى بألف دينار ، وإلى ابن عمر القاسم بن محمد بألف دينار ، قال : فأتيت وهو يغتسل في مغتسله فبسط كفيه فنثرتها في كفيه ابن عمر فقال : وصلته رحم لقد جاءت على حاجة . قال : وأتيت بعث معي القاسم بن محمد فأبى أن يقبلها ، فقالت امرأته : إن لم يقبلها هذا فأنا ابنة عمه كما هو ابن عمه ، فأعطيتها فكان عمر بن عبد الله يبعث بهذه الثياب العمرية إلى المدينة ، فقال : رحم الله - أو جزى الله - رجلا أكسى هذه الثياب ابن عمر بالمدينة : ثم قال : قد بلغني عن صاحبك شيء كرهته . فقلت : وما ذاك ؟ قال : إنه أعطى أولاد المهاجرين ألفا ألفا ، وأعطى أولاد الأنصار سبعمائة سبعمائة . قال : فكلمته فسوى بينهم . قال : وكان إذا أصاب مالا لم يبدأ بشيء أولى من أن يزوج أياماه . ابن عمر
8313 - وحدثنا موسى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب أبو معاوية ، عن حجاج ، عن عطاء ، معاوية بعث إلى بطوق من ذهب فيه جوهر قوم مائة ألف فقسمته بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة . [ ص: 467 ] أن
وكرهت طائفة الأخذ منهم .
وممن هذا مذهبه : ، محمد بن واسع ، وسفيان الثوري ، وابن المبارك ، أنكر وأحمد بن حنبل على محمد بن واسع مالك ابن دينار شيئا أخذه من أمير من أمراء البصرة فقال : اشتريت منه رقابا فأعتقتهم . فقال مالك محمد له : أنشدك الله أقلبك له الساعة على ما كان قبل أن يجيزك ؟ قال : اللهم لا . قال : إنما مالك حمار ، إنما يعبد الله مثل مالك . محمد بن واسع
وقد ذكرنا عن ، الثوري حكايات تدل على نهيهم عما ذكرناه . وكان وابن المبارك يشدد في ذلك ، وقيل له لو أخذته وتصدقت به ولا تعرض لغضبهم ، فقال طاوس : لو علم الناس منه ما أعلم ، يقول : يقتدى بي في الأخذ ، ولا يعلمون أني أخذته فتصدقت به . طاوس
وقال أبو وائل : لدرهم من تجارة أحب إلي من عشرة من عطائي .
وامتنع أن يقبل من ابن سيرين ابن هبيرة ومن ، وقال : ليس بي طعن على عمر بن عبد العزيز عمر ، ولكن الاستغناء عنه . وقال حسن بن الربيع : سمعت يقول وأخذ قذاة من الأرض فقال : من أخذ منهم مثل هذه فهو منهم . ابن المبارك
8314 - حدثني موسى ، قال : حدثنا إسحاق بن داود ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ، عن ابن المبارك ، عن جعفر بن سليمان قال : دخلت على مالك بن دينار قاسم بن محمد ابن عم فأغلظت له القول ، فقال لي : تدري ما يجرئك [علينا ] ويجبني عنك ؟ قال : قلت : لا . قال : إنك لا ترزأني شيئا . قال الحجاج بن يوسف : فأفادني والله علما . [ ص: 468 ] مالك
وروينا أن خالد بن أسيد أعطى [مسروقا ] ثلاثين ألفا فأبى أن يقبلها .
وروينا أن جاء إلى ابن عيينة نافع بن محمد وهو جالس في المسجد فسلم ثم جلس ، فقال له نافع : يا أبا عبد الرحمن ما لي أسلم فلا ترد علي .
فقال : لا نالك منه كلمة وأومأ إلي رأسه ما دمت تقبل جوائز بني يزيد .
وحكى ابن القاسم رحمه الله أن مالك أرسل إليه بسر بن سعيد الوليد بن عبد الملك بألف درهم أو خمسمائة درهم فأبى أن يقبله . عن
قال : وعرض على عمر بن عبد العزيز القاسم بن محمد أشياء فأبى أن يقبل ذلك .
وبعث رجل إلى بخمسة آلاف درهم وكان أميرا ، سعيد بن المسيب وسعيد يحاسب غلامه في نصف درهم فأبى أن يقبلها . فقال له : أنت تطلب نصف درهم ولا تأخذ هذه الخمسة آلاف ؟! فقال له سعيد : هذا النصف أحب إلي من هذه الخمسة آلاف . [ ص: 469 ]
8315 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش شقيق ، عن مسروق ، عن قالت : عائشة : في مرضه الذي مات فيه : انظروا ما زاد في مالي منذ دخلت في الخلافة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي ، فإني قد كنت أستحله ، وقد كنت أصيب من الودك نحوا مما كنت أصيب من التجارة . أبو بكر قالت قال : فلما مات نظرنا ، فإذا عبد نوبي يحمل صبيانه ، وناضح كان يسقي عليه ، قالت : فبعثنا بهما إلى عائشة عمر ، قالت : فأخبرني جدي أن عمر بكى وقال : رحمة الله على أبي بكر ، لقد أتعب من بعده تعبا شديدا . [ ص: 470 ]
[ ص: 471 ] [ ص: 472 ] [ ص: 473 ]