ذكر ترك الزوج الإنفاق على زوجته في غيبته وما يجب أن يؤخذ منه ولا يؤخذ
اختلف أهل العلم في وجوب النفقة لزوجة الغائب في أيام غيبته.
فقالت طائفة: نفقتها ثابتة عليه في غيبته، ثبت أن كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى. عمر بن الخطاب
وكان الحسن يقول: يؤخذ بالنفقة من يوم غاب.
وهذا قول الشافعي . وأبي ثور
وبه قال أحمد، وإسحاق .
وقال : إذا شكت إلى الجيران فمن يومئذ يؤخذ بالنفقة. ابن شبرمة
وكان النعمان يقول: نحن لا نقول ذلك، نقول: ليس لها شيء إلا أن يفرضه السلطان. [ ص: 64 ]
وقال أصحاب الرأي: ولو استدانت عليه وهو غائب، لم يفرض لها عليه شيء إذا كان غائبا، فإن كانت صالحت زوجها على النفقة، أو فرض لها عليه القاضي، فغاب عنها أشهرا، أو حبس النفقة عنها فاستدانت عليه، أو لم تستدن، فإنها تأخذه بنفقة تلك الأشهر، ولو لم يأمرها بذلك.
قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبو بكر: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" فما فرضه النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزول بغيبة من عليه الذي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في حال واحدة، وهو أن تعصي المرأة وتمتنع منه، فتلك حال قد أجمع أهل العلم على أن النفقة ساقطة في تلك الحال إلا من شذ منهم، ولا يزيل وقوف القاضي عن إنفاذه الحكم بما يجب فرضا أوجبه الله - جل وعز - والسنة مستقلة بنفسها عن أن يزيدها حكم الحاكم تأكيدا، ومن الفرائض التي لا تزول من الديون التي يجب أداؤها والوفاء بالنذور، وما يجب على الناس في أموالهم من جنايات على أبدان الآدميين، وفي أموالهم، وما وجب في الحج والصوم من كفارة وفدية، لا يزيله وقوف الحاكم عن الحكم به، ولا يزيده تأكيدا إنفاذه الحكم به. [ ص: 65 ]