ذكر خطأ الحاكم المجتهد وإثبات الأجر له في طلبه الصواب وإن أخطأ
قال : قد ذكرنا فيما مضى خبر أبو بكر عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأبي هريرة "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". واستدللنا بخبر بريدة على أن الذي له الأجر إذا اجتهد فأخطأ من يعلم دون من ليس له اجتهاد لجهله بالأصول، ألا تراه يقول: والذين لا يعلمون هم أهل الجهل. وقيل: إن معنى قوله: "وقاض قضى وهو لا يعلم" أنه إنما يؤجر [ ص: 543 ] على اجتهاد في طلب الصواب لا على الخطأ، ومما يؤيد هذا قوله - جل ذكره - : ( "وإذا حكم فاجتهد له أجر": وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان ) . قال الحسن : أثنى على سليمان ولم يذم داود صلوات الله عليهما .
6503 - حدثنا موسى ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عفان ، قال: حدثنا ، قال: حدثني حماد بن سلمة ، قال: حدثنا علي بن زيد خليفة، عن ، ابن عباس داود النبي صلى الله عليه وسلم قضى لأهل الحرث بالغنم فخرجوا وخرجت الرعاء معهم الكلاب، فقال سليمان : كيف قضى بينكم؟ فأخبروه. فقال: لو وليت أمرهم لقضيت بينهم بغير هذا. فقيل إن لداود: إن سليمان يقول كذا. فدعاه فقال: كيف تقضي؟ فقال: أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وألبانها ومنافعها لهم العام، ويبذر هؤلاء مثل [حرثهم] فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث، ودفع هؤلاء إلى هؤلاء الغنم. قال: فعطف عليه .
قال : وقد ذكرنا سائر الأخبار في هذا الباب في كتاب "التفسير"، وفي المختصر الذي اختصرت منه هذا الكتاب، وقد كان أبو بكر الشافعي والزهري يقولون: إن النفش بالليل، والعمل بالنهار. وقال وقتادة أبو عبيدة : النفش أن يدخل في زرع ليلا فيأكله . [ ص: 544 ]