حدثنا قال: أنبأنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي أبو بكر محمد بن إسماعيل الفقيه الشاشي، قال: حدثنا الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي قال: حدثني عبد الجبار بن كثير الرقي، قال: حدثنا محمد بن بشر اليماني، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن عن أبان بن تغلب، عكرمة، عن قال: حدثني ابن عباس من فيه قال: علي بن أبي طالب، لما أمر الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج وأنا معه، وأبو بكر رضي الله عنه، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب، فتقدم رضي الله عنه وكان مقدما في كل خير، وكان رجلا نسابة [ ص: 423 ] فسلم، وقال: ممن القوم؟ قالوا: من أبو بكر ربيعة.
قال: وأي ربيعة أنتم؟ أمن هامها أي من لهازمها؟ فقالوا: من الهامة العظمى، فقال رضي الله عنه: وأي هامتها العظمى أنتم؟ قالوا: من ذهل الأكبر قال: منكم أبو بكر عوف الذي يقال له: لا حر بوادي عوف؟ قالوا: لا.
قال: فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار، ومانع الجار؟ قالوا: لا.
قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء، ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا.
قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا.
قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا.
قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا: لا.
قال: فمنكم أصحاب الملوك من لخم؟ قالوا: لا.
قال فلستم من ذهل الأكبر، أنتم من ذهل الأصغر قال: فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له أبو بكر: دغفل حين تبين وجهه، فقال: إن على سائلنا أن نسله والعبو لا نعرفه أو نجهله.
يا هذا، قد سألتنا فأخبرناك، ولم نكتمك شيئا، فممن الرجل؟ قال أنا من أبو بكر: قريش، فقال الفتى: بخ بخ، أهل الشرف والرياسة، فمن أي القرشيين أنت؟ قال: من ولد تيم بن مرة، فقال الفتى: أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة.
أمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر، فكان يدعى في قريش مجمعا؟ قال: لا، قال: فمنكم - أظنه قال - هشام الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير [ ص: 424 ] السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال: لا، قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا.
قال: فمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل النداوة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الرفادة أنت؟ قال: فاجتذب رضي الله عنه زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الغلام: أبو بكر
صادف در السيل درا يدفعه يهضبه حينا وحينا يصدعه
أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال علي: فقلت: يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة قال: أجل أبا حسن ما من طامة إلا وفوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق قال: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم فسلم، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من أبو بكر شيبان بن ثعلبة، فالتفت رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر الناس، وفيهم أبو بكر مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك، وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا، وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته وكان أدنى القوم مجلسا، فقال رضي الله عنه: كيف العدد فيكم؟ فقال أبو بكر مفروق: إنا لنزيد على ألف، ولن تغلب ألف من قلة.
فقال وكيف المنعمة فيكم؟ فقال أبو بكر: المفروق: علينا الجهد ولكل قوم جهد.
فقال رضي الله عنه: كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال أبو بكر مفروق: إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى، وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا مرة ويديل علينا أخرى، لعلك أخا قريش.
فقال رضي الله عنه: قد بلغكم أنه رسول الله ألا هو ذا [ ص: 425 ] ، فقال أبو بكر مفروق: بلغنا أنه يذكر ذاك، فإلى ما تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام رضي الله عنه يظله بثوبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإلى أن تؤووني وتنصروني، فإن أبو بكر قريشا قد ظاهرت على أمر الله، وكذبت رسله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد" ، فقال مفروق بن عمرو: وإلام تدعونا يا أخا قريش، فوالله ما سمعت كلاما أحسن من هذا، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم إلى فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون فقال مفروق: وإلام تدعونا يا أخا قريش زاد فيه غيره فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض , ثم رجعنا إلى روايتنا قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فقال مفروق بن عمرو: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.
وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة، فقال: وهذا هانئ شيخنا وصاحب ديننا، فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش إني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر أنه زلل في الرأي، وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن يعقد عليهم عقد، ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر [ ص: 426 ] .
وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة، فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا، فقال المثنى بن حارثة: سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك، وإنا إنما نزلنا بين صريين اليمامة، والسمامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما هذان الصريان؟" فقال: أنهار كسرى ومياه العرب، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول، وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه؟ " فقال النعمان بن شريك: اللهم فلك ذلك قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " , ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول: يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله عز وجل بأس بعضهم عن بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم.
قال: فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله [ ص: 427 ] صلى الله عليه وسلم قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سر بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم قال لنا أبو عبد الرحمن: قال الشيخ قال أبو بكر: الحسن بن صاحب: كتب هذا الحديث عني أبو حاتم الرازي.
قلت: وقد رواه أيضا محمد بن زكريا الغلابي، وهو متروك عن شعيب بن واقد، عن أبان بن عبد الله البجلي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد العماني، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا شعيب بن واقد، حدثنا أبان بن عبد الله البجلي فذكره بإسناده ومعناه، وروي أيضا بإسناد آخر مجهول عن أبان بن تغلب.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أبو محمد جعفر بن عنبسة الكوفي قال: حدثني محمد بن الحسين القرشي، قال: حدثنا أحمد بن أبي نصر السكوني، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن عن أبان بن تغلب، عكرمة، عن عن ابن عباس، فذكره، وقال: خرج إلى منى وأنا معه. علي بن أبي طالب،