أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال: أخبرنا أبو جعفر البغدادي، قال: حدثنا [ ص: 224 ] أبو علاثة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عن ابن لهيعة، أبي الأسود، عن عروة .
(ح) وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، ببغداد، قال: أنبأنا أبو بكر بن عتاب العبدي، قال: حدثنا القاسم الجوهري، قال: حدثنا قال: حدثنا ابن أبي أويس، إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه قال: موسى بن عقبة " ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تجهز غازيا يريد الشام، فأذن في الناس بالخروج، وأمرهم به، وكان في حر شديد وليالي الخريف، والناس خارفون في نخيلهم، فأبطأ عنه ناس كثير، وقالوا: الروم، ولا طاقة لنا بهم، فتخلف المنافقون، وحدثوا أنفسهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرجع إليهم أبدا، فاعتلوا وثبطوا من أطاعه، وتخلف عنه رجال من المسلمين بأمر كان لهم فيه عذر، منهم السقيم والمعسر، وجاءه ستة نفر كلهم معسر يستحملونه لا يحبون التخلف عنه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أجد ما أحملكم عليه" تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ، منهم من بني سلمة: عمرو بن عثمة، ومن بني مازن بن النجار: أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، ومن بني حارثة: علبة بن زيد، ومن بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير، وهرمي بن عبد الله، وهم يدعون بني البكاء، رجل من وعبد الله بن عمرو مزينة، فهؤلاء وإنه الجد من أنفسهم، فعذرهم في القرآن، فقال الذين بكوا واطلع الله عز وجل أنهم يحبون الجهاد، ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله الآية وفي الآيتين بعدها [ ص: 225 ] وأتاه الجد بن قيس السلمي وهو في المسجد معه نفر، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في القعود؛ فإني ذو ضبعة وعلة فيها عذر لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجهز فإنك موسر، لعلك أن تحقب بعض بنات الأصفر" ، فقال: يا رسول الله، ائذن لي ولا تفتني، فنزلت: " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني وخمس آيات معها يتبع بعضها بعضا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه، وكان ممن تخلف عنه غنمة بن وديعة من بني عمرو بن عوف فقيل له: ما خلفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت موسر؟ فقال: الخوض واللعب، فأنزل الله فيه وفيمن تخلف من المنافقين: " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب " ثلاث آيات متتابعات.
وتخلف أبو خيثمة وهو رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف، فدخل حائطه والنخلة مدللة بثمرها، والعريش مرشوش، وامرأته مختضبة متزينة، قال: فنظر أبو خيثمة إلى امرأته فأعجبته، فقال: هلكت ورب الكعبة، لئن لم [ ص: 226 ] يدركني الله بتوبة، أصبحت في ظلال النخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحر والسموم في عنقه السيف، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ثم خرج يبتغي وجه الله تعالى والدار الآخرة، فاختطم أبو خيثمة ناضحه في المنخر، وتزود تمرات في ظبية وإداوة ماء، فنادته امرأته وهو يرتحل: يا هلم أكلمك، قال: والذي نفسي بيده لا ألتفت إلى أهلي، ولا مالي حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لي. أبا خيثمة،
وقال عبيد الله بن عمر بن حفص: " كان فيما قيل له هلك الودي، لودي كان غرسه، فقال: الغزو خير من الودي، فقعد على ناضحه، ثم انطلق وأدركه عمير بن وهب الجمحي قادما من مكة يريد الغزو، فاصطحبا، فلما نظر إلى تبوك قال أبو خيثمة لعمير: إن لي ذنبا وإني تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج، فتخلف عني فداك أبي وأمي، فتخلف عمير، ومضى أبو خيثمة، فلما طلع أبو خيثمة لتبوك ، أشرف المسلمون ينظرون إليه، وقالوا: يا رسول الله، هذا راكب من قبل المدينة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كن فأتاه أبا خيثمة" أبو خيثمة وهو يبكي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خلفك يا أولى لك" ، قال أبا خيثمة، أبو خيثمة: كدت يا نبي الله أن أهلك بتخلفي عنك، وتزينت لي الدنيا، وتزين لي مالي في عيني، وكدت أن أختاره على الجهاد، فعزم الله علي بالخروج، فاستغفر له ودعا له بالبركة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج يريد الشام وكفار العرب، فكان أقصى أثره منزله من تبوك " لفظ حديث وحديث موسى بن عقبة، عروة بمعناه، إلا أنه ليس فيه قول عبيد الله بن عمر، زاد في رواية عروة في آخرها: وكان ذلك وفي زمان قل ماؤها فيه، فهي كذلك حتى الساعة ". فاغترف رسول الله صلى الله عليه وسلم غرفة بيده من ماء فمضمض به فاه، ثم بصقه فيها ففارت عنها حتى امتلأت