[ ص: 221 ] باب لحوق رضي الله عنه أبي ذر وأبي خيثمة رضي الله عنه برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروجه، وما ظهر فيما روي من قوله عند مجيئهما وإخباره عن حال وقت وفاته من آثار النبوة أبي ذر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، قال: حدثنا ابن إسحاق، بريدة بن سفيان، عن عن محمد بن كعب القرظي، قال: عبد الله بن مسعود، " لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون: يا رسول الله تخلف فلان، فيقول: "دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه" ، حتى قيل: يا رسول الله، تخلف أبو ذر ، وأبطأ به بعيره، فقال: "دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن كان غير ذلك فقد أراحكم منه" ، فيلزم أبو ذر بعيره فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه فجعله على ظهره، ثم خرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله، ونظر ناظر من المسلمين، فقال [ ص: 222 ] : يا رسول الله، إن هذا الرجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كن أبا ذر" ، فلما تأمله القوم، قالوا: يا رسول الله، هو والله أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضرب الدهر من ضربه، وسير "يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده" أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر .
فلما مات فعلوا به كذلك فاطلع ركب فما أعلموا به حتى كادت ركائبهم توطأ سريره، فإذا في رهط من أهل ابن مسعود الكوفة، فقال: ما هذا؟ فقيل: جنازة ، فاستهل أبي ذر يبكي، فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله ابن مسعود أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده" فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه.
وبإسناده عن قال: حدثنا ابن إسحاق، عبد الله بن أبي بكر بن حزم، أن أبا خيثمة، أخا بني سالم رجع بعد مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما إلى أهله في يوم حار، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط قد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعاما، فلما دخل قام على باب العريشين، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح ، [ ص: 223 ] والريح، والحر، في ظل بارد وماء بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء في ماله مقيم؟ ما هذا بالنصف، ثم قال: لا والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهيئا لي زادا، ففعلتا، ثم قدم ناضحه فارتحله، ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه وأبو خيثمة بتبوك حين نزلها، وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فترافقا حتى إذا دنوا من تبوك ، قال أبو خيثمة لعمير بن وهب: إن لي ذنبا فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل، فسار حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، ، فقالوا: يا رسول الله هو والله أبا خيثمة" أبو خيثمة، فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولى لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كن ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ". أبا خيثمة"