الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3157 \ 1 - وقال إسحاق : أخبرنا وهب بن جرير ، ثنا أبي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق يقول : حدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب هو القرظي ، قال : حدثني من سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، يحدث قال : خرجت في غداة شاتية من بيتي جائعا حرضا قد أذلقني البرد ، فأخذت إهابا معطوبا ، قد كان عندنا فجبته ثم أدخلته في عنقي ، ثم حزمته على صدري أستدفئ به ، والله ما في بيتي شيء آكل منه ، ولو كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم لبلغني ، فخرجت في بعض نواحي المدينة ، فاطلعت إلى يهودي في حائط من ثغرة جداره ، فقال : ما لك يا أعرابي ؟ هل لك في كل دلو بتمرة ؟ فقلت : نعم ، فافتح الحائط ، ففتح لي ، فدخلت فجعلت أنزع دلوا ويعطيني تمرة حتى إذا ملأت كفي ، قلت : حسبي منك الآن فأكلتهن ، ثم كرعت في الماء ، ثم جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجلست إليه في المسجد وهو صلى الله عليه وسلم في عصابة من أصحابه رضي الله عنهم ، إذ طلع علينا مصعب بن عمير رضي الله عنه في بردة له مرقوعة ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم ، ورأى حاله التي هو عليها ، فذرفت عيناه فبكى ، ثم قال : " كيف أنتم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في أخرى ، وسترت بيوتكم كما تستر الكعبة ؟ " قلنا : نحن يومئذ خير ، نكفى المؤنة ، ونتفرغ للعبادة . قال صلى الله عليه وسلم : " أنتم اليوم خير منكم يومئذ " .

                                                                                        [ ص: 235 ] [ ص: 236 ] [ ص: 237 ] [ ص: 238 ] [ ص: 239 ] [ ص: 240 ] [ ص: 241 ]

                                                                                        3157 \ 2 - وقال أبو يعلى : حدثنا عبيد الله بن عمر ، ثنا وهب بن جرير ، نحوه .

                                                                                        قلت : رواه الترمذي من طريق ابن إسحاق به مختصرا .

                                                                                        [ ص: 242 ] [ ص: 243 ] 3157 \ 3 - وروى أحمد ، من حديث مجاهد ، عن علي رضي الله عنه بعض قصة التمر .

                                                                                        [ ص: 244 ]

                                                                                        3157 \ 4 - وقال ابن أبي عمر : حدثنا هشام بن سليمان ، ثنا أبو رافع ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي ، يحدث بأن أهل العراق ، أصابتهم أزمة ، فقام بينهم علي رضي الله عنه ، فقال : أيها الناس أبشروا فوالله إني لأرجو أن لا يمر عليكم إلا يسير حتى تروا ما يسركم من الرخاء واليسر ، قد رأيتني بكيت ثلاثة أيام من الدهر ، ما أجد شيئا آكله حتى خشيت أن يقتلني الجوع ، فأرسلت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستطعمه لي ، فقال صلى الله عليه وسلم : " يا بنية والله ما في البيت طعام يأكله ذو كبد إلا ما تري - لشيء قليل بين يديه - ولكن ارجعي فسيرزقكم الله تبارك وتعالى " فلما جاءتني فأخبرتني ، انقلبت وذهبت حتى آتي بني قريظة ، فإذا يهودي على شفير بئر ، فقال : يا علي هل لك أن تسقي نخلا لي وأطعمك ؟ قلت : نعم ، فبايعته على أن أنزع كل دلو بتمرة ، فجعلت أنزع ، فكلما نزعت دلوا أعطاني تمرة حتى امتلأت يداي من التمر ، فقعدت فأكلت ، ثم شربت من الماء ، ثم قلت : يا لك بطنا ، لقد لقيت اليوم خيرا ، ثم نزعت كذلك لابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضعت ، فانقلبت راجعا حتى إذا كنت ببعض الطريق إذا أنا بدينار ملقى ، فلما رأيته وقفت أنظر إليه وأؤامر نفسي لآخذه أم أذره ، فأبيت إلا أخذه ، وقلت : أستشير بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته ، فلما جئتها أخبرتها الخبر ، فقالت : هذا رزق من الله تعالى ، فانطلق فاشتر لنا دقيقا ، فانطلقت حتى جئت السوق ، فإذا أنا بيهودي من يهود فدك يبيع دقيقا من دقيق الشعير ، فاشتريت منه ، فلما اكتلت قال : ما أنت لأبي القاسم ؟ قلت : ابن عمي وابنته امرأتي ، فأعطاني الدينار فجئتها فأخبرتها الخبر ، فقالت : هذا رزق من الله عز وجل ، فاذهب به فارهنه بثمانية قراريط ، ذهب في [ ص: 245 ] لحم ففعلت ، ثم جئتها به فقطعته لها ، ونصبت ثم عجنت وخبزت ثم صنعنا طعاما ، وأرسلنا إلى رسول الله ، فجاءنا ، فلما رأى الطعام قال : " ما هذا ؟ ألم تأتني آنفا تسألني ؟ " فقلنا : بلى ، اجلس يا رسول الله نخبرك الخبر ، فإن رأيته طيبا أكلت وأكلنا ، فأخبرناه الخبر ، فقال : " هو طيب ، فكلوا باسم الله " ، ثم قام صلى الله عليه وسلم فخرج ، فإذا هو بأعرابية تشتد كأنه نزع فؤادها ، فقالت : يا رسول الله ، أبي أبضع معي بدينار فسقط مني ، والله ما أدري أين سقط ، فانظر بأبي وأمي أن يذكر لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادعي لي علي بن أبي طالب " فجئته صلى الله عليه وسلم ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اذهب إلى الجزار فقل له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك : إن قراريطك علي ، فأرسل بالدينار " فأرسل به ، فأعطاه الأعرابية فذهبت .

                                                                                        [ ص: 246 ] [ ص: 247 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية