روى عن : فيما قيل أنس بن مالك وأبيه أبي بردة بن أبي موسى ( ت ) ، وعمه أبي بكر بن أبي موسى .
روى عنه : ثابت البناني وداود بن سليمان وسهل بن عطية على خلاف فيه وسوادة بن أبي العالية القطعي ، وعبد الله بن عبد الله ، والد سعيد بن عبد الله البصري جار أبي الوليد الطيالسي ، وعقبة بن أبي ثبيت ، ، وعلي بن زيد بن جدعان والفضل بن عبد الرحمن بن عباس ، وقتادة بن دعامة ومحمد بن الزبير الحنظلي ومعاوية بن عبد الكريم الثقفي المعروف بالضال ( خت ) ، وأبو غانم البصري ، وأبو الوليد مولى قريش من رواية سهل بن عطية عنه ، وقيل : عن سهل بن عطية عن بلال .
وروى عبيد الله بن الوازع ، عن شيخ من بني مرة عنه ، قال خليفة بن خياط : ولى خالد بن عبد الله - يعني : قضاء البصرة - ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك ، ثم عزله سنة تسع ومائة وجمع القضاء لبلال بن أبي بردة فلم يزل قاضيا حتى قدم [ ص: 268 ] يوسف بن عمر سنة عشرين ومائة فولى عبد الله بن يزيد السلمي .
وقال الأصمعي ، عن سلمة بن بلال ، عن مجاهد : ولي العراق خالد بن عبد الله القسري فكان على شرطته بواسط عمرو بن عبد الأعلى الحكمي واستعمل على الكوفة العريان بن الهيثم واستعمل على البصرة مالك بن المنذر بن الجارود العبدي ، ثم عزله واستعمل بعده مسمع بن مالك بن المنذر بن الجارود ، ثم عزله واستعمل بلال بن أبي بردة وكان على الأحداث ، والصلاة ، والقضاء ، ثم ولي العراق يوسف بن عمر .
وقال سعيد بن عامر الضبعي : دخل محمد بن واسع على بلال بن أبي بردة فدعاه إلى طعامه فأبى واعتل عليه فغضب بلال ، وقال : إني أراك تكره طعامنا ، فقال : لا تقل ذلك أيها الأمير فوالله لخياركم أحب إلينا من أبنائنا .
أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا القاضي أبو المكارم اللبان - إذنا - قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين ، قال : حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثني غسان بن المفضل ، قال : أخبرنا سعيد بن عامر .. فذكره .
وقال أبو سليمان الخطابي أخبرني أحمد بن إبراهيم بن [ ص: 269 ] مالك ، قال : حدثنا الدغولي ، قال : حدثنا المظفري - يعني : محمد بن حاتم - قال : حدثنا أبو بهز بن أبي الخطاب السلمي ، قال : كان زريع أبو يزيد بن زريع على عسس بلال بن أبي بردة ، قال : فقال له : بلغني أن أهل الأهواء يجتمعون في المسجد ويتنازعون فاذهب فتعرف ذاك ، قال : فذهب ، ثم رجع إليه ، فقال : ما وجدت فيه إلا أهل العربية حلقة حلقة ، فقال له : ألا جلست إليهم حتى لا تقول حلقة حلقة ، قال أبو سليمان : وإنما هي الحلقة حلقة القوم وحلقة القرط ونحوها .
أخبرني أبو عمرو ، قال : أخبرنا ثعلب ، عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني ، عن أبيه ، قال : لا أقول حلقة إلا في جمع حالق .
وقال سيار بن حاتم ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، قال بلال بن أبي بردة : لا يمنعنكم سوء ما تعلمون منا أن تقبلوا منا أحسن ما تسمعون .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني أبو عبد الله البصري ، قال : حدثنا ابن عائشة ، قال : قال بلال بن أبي بردة : رأيت عيش الدنيا في ثلاثة : امرأة تسرك إذا نظرت إليها وتحفظ غيبتك إذا غبت [ ص: 270 ] عنها ، ومملوك لا تهتم بشيء معه قد كفاك جميع ما ينوبك فهو يعمل على ما تهوى كأنه قد علم ما في نفسك ، وصديق قد وضع مؤنة التحفظ عنك فيما بينك وبينه فهو لا يتحفظ في صداقتك ما يرصد به عداوتك يخبرك بما في نفسه وتخبره بما في نفسك .
وقال محمد بن زكريا الغلابي : حدثنا ابن عائشة ، عن جويرية بن أسماء : لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد عليه بلال بن أبي بردة فهنأه ، فقال : من كانت الخلافة يا أمير المؤمنين شرفته فقد شرفتها ، ومن كانت زانته فقد زنتها وأنت والله كما قال مالك بن أسماء :
وتزيدين طيب الطيب طيبا أن تمسيه أين مثلك أينا وإذا الدر زان حسن وجوه
كان للدر حسن وجهك زينا
وقال العباس بن الفرج الرياشي ، عن الأصمعي : وفد بلال [ ص: 271 ] ابن أبي بردة على عمر بن عبد العزيز ، وهو بخناصرة ، فلزم سارية من المسجد يصلي إليها ، يحسن السجود والركوع والخشوع ، وعمر ينظر إليه ، فقال عمر للعلاء بن المغيرة البندار ، وكان خصيصا بعمر : إن يكن سر هذا كعلانيته فهو رجل أهل العراق غير مدافع ، عن فضل ، فقال له العلاء بن المغيرة : أنا آتيك يا أمير المؤمنين بخبره ، فأتاه وهو يصلي بين المغرب والعشاء ، فقال له : اشفع صلاتك فإن لي حاجة ، فلما سلم من صلاته ، قال له العلاء : تعلم منزلتي وموضعي من أمير المؤمنين وحالي ، فإن أشرت عليه أن يوليك العراق ما تجعل لي ؟ قال : عمالتي سنة ، وكان مبلغها عشرين ومائة ألف درهم ، قال : فاكتب لي بذلك خطا ، فقام من وقته فكتب له خطا بذلك ، فحمل ذلك الخط إلى عمر بن عبد العزيز ، فلما قرأه عمر كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وكان واليا على الكوفة : أما بعد ، فإن بلالا غرنا بالله ، فكدنا أن نغتر به ، ثم سبكناه فوجدناه خبثا كله .
وقال أبو الحسن المدائني : نظر خالد إلى بلال يطيل الصلاة فأرسل إليه ، والله لو صليت حتى تموت ما وليتك شيئا ، قال بلال للرسول : قل له : والله لئن وليتني لا تعزلني أبدا ، قال : فأرسل إليه فولاه .
وقال عمر بن شبة بن عبيدة النميري : كان بلال ظلوما جائرا لا يبالي ما صنع في الحكم ولا في غيره .
[ ص: 272 ] وقال : حدثنا أبو عاصم النبيل ، قال : أوصى يزيد بن طلحة الطلحات فجعل للإناث من ولده مثل ما للذكور ولعن في وصيته من غيرها ، فأتى بها بلالا ، فقال : أنا أول من غيرها ، فعلى يزيد لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
وقال أيضا : حدثني محمد بن أيوب بن عقيل ، عن أبي عمر الضرير - إن شاء الله - قال : أمر بلال داود بن أبي هند أن يحضره عند تقدم الخصوم إليه فإن حكم بخطأ رمى بحصاة فيرجع بلال عن خطئه وينظر حتى يصيب ، قال : فتقدم إليه مولى له ينازع رجلا فحكم لمولاه ظلما ، فرمى داود بحصاة فلم يرجع بلال ، ثم عاد فرمى حتى رمى بحصيات ، فقال له بلال : قد فهمت ما تريد ولكن هذا ليس ممن يرمى له بالحصى هذا مولاي ، قال : وقدم عليه رجل بكتاب شفاعة من بعض أصحاب خالد فحكم له على رجل بأرض واسعة انتزعها من يد الرجل ظلما فمكثت في يد المستشفع عليه زمانا ، ثم أتى بلالا ، فقال له : خذه لي بغلاتها ، فقال : ما ترضى أن أخذت لك الأرض منه بغير حق ثبت لك عليه حتى تطالبه بغلاتها فانتزعها من يده وردها على الأول .
قال : وحدثني محدث أصدقه ذهب اسمه عني أن رسولا لخالد قدم على بلال ، والرسول يريد السند فنظر الرسول إلى رجل قاعد قبالة دار بلال في ظل وعليه مظلة ، فأقبل على بلال ، فقال : ما ترى الرجل الجالس في الظل ، وعليه مظلة ، قال : بلى ، قال : فإني أحب أن تأمر بحبسه ، فأمر من أخذ بيده فانطلق به إلى [ ص: 273 ] السجن ولم يأت به بلالا فأقام في السجن لا يسمع منه شيء حتى قدم الرسول من السند ، فقال لبلال : ما فعل الرجل المحبوس ، قال : على حاله ، قال : فأرسل إليه ، فأرسل فأتي به ، فقال لبلال : على ما حبستني أصلحك الله ؟ قال : لا أدري والله ، سل هذا ، فقال الرجل : لم أمرت بحبسي ؟ قال : لأنك كنت قاعدا في ظل ، وعليك مظلة .
قال : وحدثني علي بن محمد ، وهو أبو الحسن المدائني ، قال : كان أبو موسى استرضع لابنه أبي بردة في بني فقيم في آل الغرق فلما قدم بلال البصرة قيل لبلال : لو استعملت أبا العجوز بن أبي شيخ بن الغرق ، فقال : إني رأيت منه خلالا ; رأيته يحتجم في بيوت إخوانه ورأيته جالسا في الظل وعليه مظلة ورأيته يبادر بيض البقيلة ، قال : وكان بخيلا على المال والطعام ، يعمل له الطعام الكثير ، فإذا غربت الشمس أو كادت تغرب وضعت الموائد ، فإذا مد الناس أيديهم أذن المؤذن فقام وقام الناس فانتهبت الموائد فأصبح جيرانه يشترون ذلك الطعام ممن انتهبه .
وقال : حدثنا أبو عاصم النبيل ، عن أبيه قال : أقطر كاتب على ثوب بلال قطرة سوداء ، فقال : أتراني أحبك بعد هذا أبدا .
قال : وحدثني المدائني ، قال : كان بلال قد خاف الجذام فوصف له السمن يستنقع فيه فكان يفعل ، ثم يأمر بذلك السمن فيباع ، فتنكب الناس شراء السمن بالبصرة .
[ ص: 274 ] قال : وطالت ولايته فمدحته الشعراء منهم رؤبة وذو الرمة ، وقد ذكره الفرزدق في شعره ، ودخل عليه غير مرة ، وقال له مرة : إني رأيت شيخا وشيخة من الأشعريين يطوفان بالبيت ، والشيخ يقول :
أنت وهبت زائدا ومزيدا وكهلة أسلك فيها الأجردا
إني والذي حجت قريش له الأيام تابعة الليالي
سأترك باقيا لك من ثنائي بما أبليت في الحقب الخوالي
وكم لك من أب يعلو وينمي وخال يا بلال إلى المعالي
ومظلمة علي من الليالي جلا ظلماءها عني بلال
بخير يمين مدعو لخير تعاونها إذا نهضت شمال
بحقي أن أكون إليك أسعى وفي يدك العقوبة والنوال
[ ص: 275 ] ترى الأبصار شاخصة إليه كما ينظرن حين يرى الهلال
إلى ابن أبي موسى بلال طوت بنا قلاص أبوهن الجديل وداعر
أقول لها إذ شمر السير واستوت بنا البيد واستنت عليها الحرائر
إذا ابن أبي موسى بلال بلغته فقام بفأس بين وصليك جازر
وأنت امرؤ من أهل بيت ذؤابة لهم قدم معلومة ومفاخر
يطيب تراب الأرض إن ينزلوا بها وتختال إن يعلوا عليها المنابر
[ ص: 276 ] وما زلت تسمو للمعالي وتبتني بنى المجد مذ شدت عليك المآزر
إلى أن بلغت الأربعين فألقيت إليك جماهير الأمور الأكابر
فأحكمتها لا أنت في الحكم عاجز ولا أنت فيها عن هدى الحق جائر
بلال يا ابن الشرف الإمحاض وأنت يا ابن القاضيين قاض
معتزم على الطريق الماضي وثابت النعل على الدحاض
أنت ابن كل سيد فياض
إني وقد تعنى أمور تعتني على طريق العذر إن عذرتني
فلا ورب الآمنات القطن يعمرن أمنا بالحرام المأمن
بمحبس الهدي ورب المسدن ورب وجه من حراء منحني
[ ص: 277 ] ما آيب سرك إلا سرني شكرا وإن غرك أمر غرني
ما الحفظ أم ما النصح إلا أنني أخوك والراعي لما استرعيتني
إني إذا لم ترني كأنني أراك بالغيب وإن لم ترني
كل زمان الفتى قد لبســـ ـــت خيرا وشرا وعدما ومالا
فلا الفقر كنت له ضارعا ولا المال أظهر مني اختيالا
وقد طفت للمال شرق البلا د وغربيها وبلوت الرجالا
وزرت الملوك وأهل الندى أزول إلى ظلهم حيث زالا
فلو كنت ممتدحا للنوال فتى لامتدحت عليه بلالا
ولكنني لست ممن يريد بمدح الملوك عليه السؤالا
سيكفي الكريم إخاء الكريم ويقنع بالود منه نوالا
أما بلال فبئس البلال أراني به الله داء عضالا
فلو أنه قد كساه الجذام فجلله من أذاه جلالا
[ ص: 278 ] ولو قد جرى في عروق الشـ ـؤون فأورثه بحة أو سعالا
لعاد بلال إلى أمه مبقعة وضحيا خبالا
هما المعجبان فأما العجوز فتؤوي النساء معا والرجالا
وأما بلال فذاك الذي يميل مع الشرب حيث استمالا
فيصبح مضطربا ناعسا تخال من السكر فيه احولالا
ويمشي ضعيفا كمشي النزيف كأن به حين يمشي شكالا
أقول لمن يسائل عن بلال وعبد الله عند نثا الرجال
بلال كان ألأم من رأينا وعبد الله ألأم من بلال
هما أخوان أما ذا فجون وأما ذا فأصهب ذو سبال
فجونهما يشبه نسل حام وأصهبهم يشبه بالموالي
وكان أبوهما فيما رأينا أسيل الخد مكتسي الجمال
[ ص: 279 ] فقد فضحا أبا موسى وشانا بنيه بالبهول وبالضلال
تقول هشيمة فيما تقول مللت الحياة أبا معمر
وما لي أن لا أمل الحياة وهذا بلال على المنبر
وهذا أخوه يقود الجيوش عظيم السرادق والعسكر
رقيقين لا حرمة يعرفان لجار ولا سائل معتري
أشبهت أمك يا بلال لأنها نزعتك والأم اللئيمة تنزع
أشبهتها شبه العبيد أمه فبمثل ما صنع العبيد تصنع
ولدتك إذ ولدتك لا متكرما عفا ولا بحلال ربك تقنع
ووليت مصرا لم تكن أهلا له ومن الولاية ما يضر وينفع
وقال : حدثني عباس بن الوليد النرسي ، قال : حدثنا محمد أبو عبد الله ، عن رجل من بني صبير ، قال : كان بين بني صبير وبني ربيع نزغ فصرنا إلى دار بلال فجيء بابن عون ، فتحدثنا بيننا : إنما جيء به بسبب قتادة ، فجاء قتادة فقام إليه ابن عون ، فقال :
[ ص: 280 ] يا أبا الخطاب اتق الله ، فقال : وجدتها بدار مضيعة .
تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي حوزة المستنفر الحامي
قال : وحدثنا خلاد بن يزيد ، قال : حدثني يونس بن حبيب ، قال : أمر بلال فنودي : الصلاة جامعة ، فرأيت ابن عون يزاحم على باب المقصورة ، وقد ضربه بلال وصنع به ما صنع فاغتظت عليه ، وقلت في نفسي دق الله جنبيك .
قال : وحدثني من لا أحصي من علمائنا : أن قتادة لما ضرب ابن عون ، قال : أنت أيضا ، فتزوجها سدوسية .
قال : ويقال : إن بلالا تعصب لقتادة للسدوسية ; لأن بني [ ص: 281 ] سدوس ناقلة إلى بكر بن وائل انتقلوا في الجاهلية وأصلهم من الأشعريين .
قال : وختن ابنيه عمرا وبرادا فعمل طعاما كثيرا ودعا الناس ووضعت الموائد وكان يجلس معه على مائدته أربعة فجاء أعرابي فجلس معه فأكل فشرق فمات ، فأمر به بلال فحمل إلى أهله وأرسل إليهم بأربعة وعشرين درهما لكفنه وتفرق الناس عن الطعام فلم يؤكل .
قال : وقال المدائني : ووضع طعامه مرة فجلس الناس يأكلون ومعهم قتادة معه قائد له ، فلما وضع الطعام أذن المؤذن للمغرب فقام الناس وقعد قتادة فلم يقم ولبث معه قائده فلحظهما بلال ، وهو مغيظ ، فلما كان بعد أيام استعدت امرأة قائد قتادة عليه ، فقالت : إنه يضربني ، فقال : صدقت وأمر به فضرب أربعين سوطا ، فكان القائد يقول : ما ضربني إلا لقعودي على طعامه آكله مع قتادة . إلى هنا عن عمر بن شبة .
وقال أبو بكر بن الأنباري : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد ، قال : قال المدائني : أرسل بلال إلى قصاب في جواره في السحر ، قال : فدخلت عليه وبين يديه كانون وفي صحن الدار تيس ضخم ، فقال : أخرج الكانون واذبح التيس واسلخه وكبب لحمه ، ففعلت ودعا بخوان فوضع بين يديه وجعلت أكبب اللحم ، فإذا انشوى منه شيء وضعته بين يديه فأكله ، [ ص: 282 ] حتى تعرقت لحم التيس ولم يبق إلا بطنه وعظامه ، وبقيت بضعة على الكانون ، فقال لي : كلها فأكلتها وجاءت جارية بقدر فيها دجاجتان وناهضان ومعها صحفة مغطاة لا أدري ما فيها ، فقال : ويحك ما في بطني موضع فضعيها على رأسي ، فضحك إلى الجارية وضحكت إليه ورجعت ، ثم دعا بشراب ، فشرب منه خمسة أقداح وأمر لي بقدح فشربته ، ثم قال : الحق بأهلك .
وقال ابن الأنباري أيضا : حدثنا ابن المرزبان ، عن عمر بن الحكم بن النضر ، قال : سمعت من يقول : إنما قتل بلالا دهاؤه ، وذاك أنه قال للسجان : خذ مني مائة ألف درهم وتعلم يوسف بن عمر أني قد مت وكان يوسف إذا أخبر عن محبوس أنه قد مات أمر بدفعه إلى أهله فطمع بلال أن يأمر بدفعه إلى أهله ، قال السجان : كيف تصنع إذا دفعت إلى أهلك ، قال : لا يسمع لي يوسف بخبر ما دام واليا ، فأتى السجان يوسف بن عمر ، فقال : إن بلالا قد مات ، فقال : أرنيه ميتا فإني أحب أن أراه ميتا ، فجاء السجان فألقى عليه شيئا غمه حتى مات ، ثم أراه يوسف .
ذكره البخاري في الأحكام وروى له الترمذي حديثا واحدا ، عن أبيه ، عن جده ، عن [ ص: 283 ] النبي صلى الله عليه وسلم : " " . لا تصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب